البحث في المسألة عن النواهي المولويّة.
ثمّ انّه يقع البحث عن انّ محلّ النزاع هل يختصّ بالنهي النفسي التحريمي ، كالنهي عن الصوم يوم العيد أو يشمل النهي الغيري والنهي الناشئ عن مزاحمة العبادة لواجب أهمّ منه ملاكا مثلا ، فإنّ الأمر بالواجب الأهمّ يقتضي النهي عن العبادة التي هي أقلّ أهميّة والتي هي مأمور بها لو لا مزاحمتها بالواجب الأهمّ ، وهذا مبني على اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه الخاص ، وحينئذ يكون دخول النهي في محلّ البحث مبني على عدم القول بالترتّب وانّ النهي الغيري يكشف عن مبغوضيّة متعلّقه بحيث لا يمكن التقرّب به للمولى جلّ وعلا.
أمّا بناء على القول بالترتّب أو القول بأنّ النهي الغيري لا يكشف عن مبغوضيّة متعلّقه فحينئذ لا إشكال في صحّة العبادة المنهي عنها بالنهي الغيري.
مثلا : لو تزاحم فعل الصلاة مع انقاذ الغريق وقلنا بأهميّة الإنقاذ فحينئذ ان كنّا نقول بالترتّب فلا مانع من صحّة الصلاة وان كان المكلّف قد عصى بتركه للإنقاذ ، وهكذا لو كنّا نقول بأنّ النهي الغيري عن الصلاة لا يكشف عن مبغوضيّتها وان سقوط الأمر بها بسبب التزاحم لا يمنع من صحّتها بعد توفّرها على ملاك الأمر.
نعم لو كنّا نبني على عدم الترتّب وانّ النهي الغيري يكشف عن المبغوضيّة فإنّ النهي الغيري حينئذ يكون داخلا في محلّ البحث.
الأمر الرابع : انّ المراد من العبادة التي نبحث عن الملازمة بين النهي عنها وبين فسادها هي العبادة الشأنيّة ، والمقصود منها الفعل الذي لو وقع متعلّقا للأمر لكان عباديا.
وبتعبير آخر : انّ من الأفعال ما يتوسّل بها العرف عادة للتعبير عن العبوديّة والتقرّب والتذلّل للمولى أو لذي الشأن الرفيع ، بمعنى انّ صدورها خارجا عادة ما يكون لهذا الغرض ، وذلك مثل السجود والركوع والدعاء