فإنّ طبع هذه الأفعال هو الاتّصاف بالعباديّة إلاّ انّ اتّصافها بالعبادة لا يكون فعليّا ما لم تقع متعلّقا للأمر ، فالبحث في المقام انّما هو عن هذا النحو من الأفعال لو اتّفق تعلّق النهي بها وانّه هل يلزم من النهي عنها فسادها أو لا؟.
وأمّا العبادة الفعليّة والتي ثبت تعلّق الأمر بها فهي خارجة عن محلّ النزاع ، إذ لا ريب في استحالة تعلّق النهي بالعبادة المأمور بها ، إذ انّ معنى فعليّة الأمر بها انّها محبوبة وموجبة للقرب من المولى جلّ وعلا ، وحينئذ يستحيل اتّصافها بالمبغوضيّة ـ المستكشفة عن النهي ـ لاستحالة اجتماع حكمين متضادين على موضوع أو متعلّق واحد ، فافتراض الأمر بها يمنع عن افتراض النهي عنها.
وبهذا يتّضح انّ محلّ النزاع انّما هو الفعل الذي شأنه الاتّصاف بالعباديّة وانّه لو تعلّق به نهي فهل يكون هذا النهي موجبا لفساد ذلك الفعل أو لا؟
مثلا : صوم يوم العيد أو الصلاة في وقت الفريضة أو زيارة الامام الحسين يوم عرفة كلّها أفعال لها شأنيّة الاتّصاف بالعباديّة بحسب طبعها إلاّ انّها لم تقع متعلقا للأمر ، فلو تعلّق بهذه الأفعال نهي ، فهل انّ هذا النهي يستلزم الفساد فيترتّب على ذلك عدم الإجزاء لو كان الصوم قضاء عمّا فات أو وفاء بنذر وهكذا الكلام في الصلاة وزيارة الامام الحسين عليهالسلام.
ثمّ انّ المراد من الفساد في عنوان المسألة هو عدم ترتّب الأثر المطلوب من الفعل المأتي ، فلا يكون المأتي به عند ما يكون منهيّا عنه مسقطا للقضاء أو الإعادة مثلا ، وقد أوضحنا المراد من الفساد بشيء من التفصيل تحت عنوان « الصحّة والفساد ».
وبما ذكرناه يتبلور المراد من المسألة وما هو محلّ النزاع فيها وبقي الكلام عن بيان انحاء تعلّق النهي بالعبادة ، فقد ذكر المحقّق النائيني رحمهالله انّ النهي قد يتعلّق بالعبادة لذاتها ، بمعنى انّ ذات العبادة هو المقتضي للنهي عنها كالصوم في يومي العيدين ، وقد يتعلّق