ارتفاعها حقيقة بواسطة التعبّد الشرعي ، وهذا في مقابل العناوين التي لا يتعقّل ارتفاعها حقيقة بواسطة التعبّد الشرعي ، فإمّا أن تكون مرتفعة تكوينا وإلاّ فلا مجال لرفعها بواسطة الشارع حقيقة ، نعم يمكن ارتفاعها بواسطة التعبّد تنزيلا.
وهذا هو المائز الجوهري بين الورود والتخصّص حيث انّ كلاهما يشتركان في انّ موردهما هو ارتفاع موضوع أحد الدليلين بالدليل الآخر حقيقة ، والفرق بينهما انّما هو من جهة سنخ الموضوع المرتفع حقيقة بواسطة الدليل الآخر ، فإن كان من العناوين التي لا يتعقّل ارتفاعها بواسطة التعبّد فهذا معناه انّ رفع أحد الدليلين لموضوع الدليل الآخر كان بنحو التخصّص ، وان كان من العناوين التي يتعقّل ارتفاعها حقيقة بواسطة التعبّد وكان منشأ الارتفاع الحقيقي لموضوع الدليل الأوّل هو التعبّد فهذا هو الورود.
ومثال ذلك : قوله تعالى : ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ) (١) ، فإنّ هذه الآية الشريفة تقتضي جواز نكاح النساء ، فلو قام الدليل القطعي على انّ هندا ليست من النساء وانّما هي خنثى فإنّ هذا الدليل يكون نافيا لموضوع الدليل الأوّل حقيقة ، وانتفاء موضوع الدليل الأوّل بنحو الحقيقة لا يكون إلاّ بالتخصّص ، وذلك لأنّ سنخ الموضوع المأخوذ في الدليل الاوّل لا يتعقّل انتفاؤه حقيقة بواسطة التعبّد كما هو واضح ، إذ ضابطة ما يمكن ارتفاعه حقيقة بواسطة التعبّد هو ما يمكن ثبوته حقيقة بواسطة التعبّد.
ومن الواضح انّ اثبات انّ هذا الإنسان من النساء لا يمكن ان يثبت بواسطة التعبّد ، فحتّى لو أخبر الشارع انّه من النساء فإنّه محض اخبار ، فهو من الوسائل التي يتعرّف بها على ثبوت الموضوع أو انتفاؤه واقعا ، ولهذا حتى لو ثبت انّ هذه خنثى بواسطة اخبار الشارع فإنّ انتفاء موضوع الدليل الأوّل يكون بالتخصّص أيضا.
نعم يمكن أن ينفي الشارع موضوعا من سنخ هذه الموضوعات التي لا