يتعقّل نفيها حقيقة بواسطة التعبّد إلاّ انّ هذا النفي لن يكون حقيقيّا بل هو نفي تنزيلي ، وهذا هو المعبّر عنه بالحكومة ، ومثاله ان يعتبر الشارع انّ هذه المرأة ليست من النساء ، وبهذا ينتفي موضوع الدليل الأوّل ، فلا يكون نكاحها جائزا.
وأمّا مثال الورود فهو ما لو قال المولى : « يحرم الإسناد بغير حجّة » ثمّ قام الدليل على انّ خبر الثقة حجّة ، فإنّ هذا الدليل الثاني يكون نافيا لموضوع الدليل الأوّل حقيقة ، ولهذا لا يكون الإسناد الى الشارع اعتمادا على خبر الثقة حراما لانتفاء موضوع الحرمة وهو عدم الحجّة حقيقة ، غايته انّ انتفاء موضوع الحرمة كان بواسطة التعبّد الشرعي.
وتلاحظون انّ انتفاء هذا النحو من الموضوعات حقيقة مما يتعقّل تحقّقه بواسطة التعبّد الشرعي ، إذ انّ الحجّة والتي هي المنجّزيّة والمعذريّة من الموضوعات التي للشارع بما هو شارع خلقها وايجادها بنحو الحقيقة ، أي انّ جعل الشارع الحجيّة لشيء يصيره حجّة حقيقة ، ولهذا يكون الدليل الثاني واردا على الدليل الأوّل ونافيا لموضوعه حقيقة غايته انّ ذلك تمّ بواسطة التعبّد الشرعي. وبهذا القيد اتّضح انّ اسناد شيء للشارع بواسطة القطع ليس من الورود ، وذلك لأنّه وان كان الموضوع من سنخ العناوين القابلة للنفي والإثبات الحقيقي بواسطة التعبّد الشرعي إلاّ انّ انتفاء موضوع الدليل الأوّل في الفرض المذكور لم يتمّ بواسطة التعبّد وانّما تمّ بواسطة القطع.
وبما ذكرناه يتّضح انّ الورود لا يكون إلاّ في حالة يكون الموضوع فيها من سنخ العناوين القابلة للنفي والإثبات الحقيقي بواسطة التعبّد الشرعي على أن يكون انتفاء موضوع الدليل الأوّل تمّ بواسطة التعبّد الشرعي ، إذ قد لا يتّفق ذلك.
فمثلا : لو قام الدليل على وجوب التصدّق على الفقير ، ثمّ قام دليل آخر على انّ الفقير هو الذي لا يملك قوت يومه فإنّ هذا الدليل يكون واردا على