وقد ذكر الثعالبي أنه ألَّفه للوزير أبي الفضل عبد الله بن أحمد الميكالي. والكتاب مرتَّبٌ على موضوعات المعاني في ثلاثين باباً ، يتوزَّعُ البابُ إلى عدة فصول. وقدَّم الثعالبي لكتابه بمقدمة وضَّح فيها أن دوافع تأليفه كانت استجابةً للوزير أبي الفضل الميكالي ، وعرض لأسماء من اعتمد عليهم في تصنيفه من أئمة اللغة والأدب والفلسفة ، يقول : « وتُرِكْتُ والأدب والكتب ، أنتقي منها وأنتخب ، وأُفَصِّل وأُبًوِّب وأنتجع من الأئمة مثل : الخليل والأصمعي وأبي عمرو الشيباني والكسائي والفراء ، وأبي زيد ، وأبي عبيدة ، وأبي عُبَيْد ، وابن الأعرابي ، والنضر بن شُمَيْل وأَبَوي العباس ( يعني : المبرد وثعلب ) ، وابن دريد ونفطويه ، وابن خالويه ، والخارَزَنْجِيّ ، والأزهري ومن سواهم من ظرفاء الأدباء الذين جمعوا فصاحة البلغاء إلى إتقان العلماء ، ووعورة اللغة إلى سهولة البلاغة ، كالصاحب أبي القاسم وحمزة بن الحسن الأصبهاني ، وأبي الفتح المراغي وأبي بكر الخوارزمي ، والقاضي أبي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني ، وأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا القزويني وأجتبي من غمارهم ، وأقتفي آثار قوم قد أقفرت منهم البقاع ، وأجمعُ في التأليف بين أبكار الأبواب والأوضاع ، وعُونِ اللغات والألفاظ ».
ومما هو جدير بالذكر ، أن اعتماد الثعالبي على كتاب « الغريب المُصَنَّف » لأبي عُبَيْد كبير ، إذ لم يفعل في كثير من الأحيان أكثر من نقله نصَّ أبي عُبَيْد في كثير من فصوله ، لقد نقل فصلاً وجده ملحقاً بحاشية الورقة من باب « الرمال » في كتاب ريب المصنَّفُ ، وهو من زيادات النُّسَّاخ (١).
وفي تسميته لكتابه « فقه اللغة » كثير من التجُّوزِ كما يرى الدكتور علي عبد الواحد وافي ؛ وذلك أنه ليس فيه ما يصح تسميته بفقه اللغة بالمعنى الصحيح لهذه الكلمة إلا نحو خمس عشرة صفحة في الباب التاسع والعشرين في ما يجري مجرى الموازنة بين العربية والفارسية ، أمَّا ما عدا ذلك فَمتْنُ لُغَةٍ مرتب حسب فصائل المعاني التي من شأنها أن تَمُدَّ الكاتب بعبارات بليغة يستعملها في إنشائه ، وبذلك فقيمته عملية تطبيقية صرفة (٢).
__________________
(١) انظر : فصول في فقه العربية ٢٦٥.
(٢) انظر : فقه اللغة للدكتور علي عبد الواحد وافي ٢٨٢.