رسول الله صلىاللهعليهوآله لما هاجر إلى المدينة وأظهر الإسلام كتب إلى ملك الروم كتابا وبعث به مع رسول يدعوه إلى الإسلام وكتب إلى ملك فارس كتابا يدعوه إلى الإسلام وبعثه إليه مع رسوله فأما ملك الروم فعظم كتاب رسول الله صلىاللهعليهوآله وأكرم رسوله وأما ملك فارس فإنه استخف بكتاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ومزقه واستخف برسوله وكان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك الروم وكان المسلمون يهوون أن يغلب ملك الروم ملك فارس وكانوا لناحيته أرجى منهم لملك فارس فلما غلب ملك فارس ملك الروم كره ذلك المسلمون واغتموا به فأنزل الله عز وجل بذلك كتابا قرآنا « الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ » يعني غلبتها فارس « فِي أَدْنَى الْأَرْضِ » وهي الشامات وما حولها « وَهُمْ » يعني وفارس « مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ » الروم « سَيَغْلِبُونَ » يعني يغلبهم المسلمون « فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ
______________________________________________________
بدل من الإضافة « وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ » من إضافة المصدر إلى المفعول « سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ » روي أن فارس غزوا الروم فوافوهم باذرعات وبصري. وقيل بالجزيرة وهي أدنى أرض الروم من الفرس ، فغلبوا عليهم فبلغ الخبر مكة ففرح المشركون وشمتوا بالمسلمين ، وقالوا أنتم والنصارى أهل كتاب ونحن وفارس أميون ، وقد ظهر إخواننا على إخوانكم ولنظهرن عليكم فنزلت فقال لهم أبو بكر لا يقرن الله أعينكم فو الله ليظهرن الروم على فارس بعد بضع سنين فقال له أبي بن خلف كذبت اجعل بيننا أجلا أناحبك (١) عليه فناحبه على عشر قلائص من كل واحد منهما ، وجعلا الأجل ثلاث سنين ، فأخبر أبو بكر رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال البضع ما بين الثلاث إلى التسع فزائده في الخطر ، ومادة في الأجل فجعلاها مائة قلوص إلى تسع سنين ، ومات أبي من جرح رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد قفوله من أحد فظهرت الروم على فارس يوم الحديبية ، فأخذ أبو بكر الخطر من ورثة أبي وجاء به إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال تصدق به ، والآية من دلائل النبوة ، لأنها إخبار عن الغيب ، وقرئ غلبت
__________________
(١) المناحبة : المراهنة.