وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ » عز وجل فلما غزا المسلمون فارس وافتتحوها فرح المسلمون بنصر الله عز وجل قال قلت أليس الله عز وجل يقول : « فِي بِضْعِ سِنِينَ » وقد مضى للمؤمنين سنون كثيرة مع رسول الله صلىاللهعليهوآله وفي إمارة
______________________________________________________
بالفتح ، وسيغلبون بالضم ، ومعناه إن الروم غلبوا على ريف الشام ، والمسلمون سيغلبونهم ، وفي السنة التاسعة من نزوله غزاهم المسلمون ، وفتحوا بعض بلادهم وو على هذا يكون إضافة الغلب إلى الفاعل.
« لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ » من قبل كونهم غالبين وهو وقت كونهم مغلوبين ، ومن بعد كونهم مغلوبين ، وهو وقت كونهم غالبين أي له الأمر حين غلبوا وحين يغلبون ، ليس شيء منهما إلا بقضائه « وَيَوْمَئِذٍ » ويوم يغلب الروم « يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ » من له كتاب على من لا كتاب له ، لما فيه من انقلاب التفاؤل وظهور صدقهم ، فيما أخبروا به المشركين ، وغلبتهم في رهانهم ، وازدياد يقينهم وثباتهم في دينهم ، وقيل : بنصر الله المؤمنين بإظهار صدقهم ، أو بأن ولي بعض أعدائهم بعضا ، فقاتلوا حتى تفانوا « يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ » فينصر هؤلاء تارة ، وهؤلاء أخرى انتهى كلام البيضاوي (١).
وقال البغوي : كان سبب غلبة الروم فارس على ما قال عكرمة أن شهريراز رئيس جيش كسرى بعد ما غلبت الروم لم يزل يطأهم ويخرب مدائنهم ، حتى بلغ الخليج فبينما أخوه فرخان جالس ذات يوم يشرب ، فقال فرخان لأصحابه لقد رأيت كأني جالس على سرير كسرى ، فبلغت كلمته كسرى فكتب إلى شهريراز إذا أتاك كتابي فابعث إلى برأس فرخان ، فكتب إليه أيها الملك إنك لن تجد مثل فرخان إن له قوة وصوتا في العدو فلا تغفل ، فكتب إليه إن في رجال فارس أعلى منه فعجل علي برأسه ، فراجعه فغضب كسرى ولم يجبه ، وبعث بريدا إلى أهل فارس إني قد نزعت عنكم شهريراز ، واستعملت عليكم فرخان ، ثم دفع إلى البريد
__________________
(١) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٢١٥ ـ ٢١٦.