أمر السماء فقال لم يكن من الملائكة ولم يكن يلي شيئا من أمر السماء ولا كرامة فأتيت الطيار فأخبرته بما سمعت فأنكره وقال وكيف لا يكون من الملائكة والله عز وجل يقول : « وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ » (١) فدخل عليه الطيار
______________________________________________________
ثم اختلف من قال إنه كان من الملائكة ، فمنهم من قال : إنه كان خازنا على الجنان ومنهم من قال : كان له سلطان سماء الدنيا وسلطان الأرض ، ومنهم من قال إنه كان يسوس ما بين السماء والأرض ، واحتج الأولون بوجوه.
أحدها : قوله تعالى في سورة الكهف : « إِلاَّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ » (٢) قالوا : ومتى أطلق لفظ الجن لم يجز أن يعني به إلا الجنس المعروف الذي يقابل بالإنس في الكتاب الكريم.
وثانيها : قوله تعالى : « لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ » (٣) فنفى عن الملائكة المعصية نفيا عاما ، فوجب أن لا يكون إبليس منهم.
وثالثها : أن إبليس له نسل وذرية كما قال تعالى : « أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ » (٤) والملائكة لا ذرية لهم ، لأنه ليس فيهم أنثى لقوله تعالى : « وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً » (٥) والذرية إنما تحصل من الذكر والأنثى.
ورابعها : إن الملائكة رسل الله لقوله تعالى : « جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً » (٦) ورسل الله معصومون لقوله تعالى : « اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ » (٧) ولا يجوز على رسل الله الكفر والعصيان ملائكة كانوا أم بشرا.
__________________
(١ و ٢ و ٤) سورة الكهف : ٥٠.
(٣) سورة التحريم : ٦.
(٥) سورة الزخرف : ١٩.
(٦) سورة فاطر : ١.
(٧) سورة الأنعام : ١٢٤.