فخرجت وما بي من ضر ولا قر فمررت على باب الخندق وقد اعتراه المؤمنون والكفار فلما توجه حذيفة قام رسول الله صلىاللهعليهوآله ونادى ـ يا صريخ المكروبين ويا مجيب المضطرين اكشف همي وغمي وكربي فقد ترى حالي وحال أصحابي فنزل عليه جبرئيل عليهالسلام فقال يا رسول الله إن الله عز ذكره قد سمع مقالتك ودعاءك وقد أجابك وكفاك هول عدوك فجثا رسول الله صلىاللهعليهوآله على ركبتيه وبسط يديه وأرسل عينيه ثم قال شكرا شكرا كما رحمتني ورحمت أصحابي ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله قد بعث الله عز وجل عليهم ريحا من السماء الدنيا فيها حصى وريحا من السماء الرابعة فيها جندل قال حذيفة فخرجت فإذا أنا بنيران القوم وأقبل جند الله الأول ريح فيها حصى فما تركت لهم نارا إلا أذرتها ولا خباء إلا طرحته ولا رمحا إلا ألقته حتى جعلوا يتترسون من الحصى فجعلنا نسمع وقع الحصى في الأترسة فجلس حذيفة بين رجلين من المشركين فقام إبليس في صورة رجل مطاع في المشركين فقال أيها الناس إنكم قد نزلتم بساحة هذا الساحر الكذاب ألا وإنه لن يفوتكم من أمره شيء فإنه
______________________________________________________
ليس فيه خشب ولا عقب : حجفة ودرقة (١).
قوله صلىاللهعليهوآله : « يا صريخ المكروبين » قال الجوهري : الصريخ : صوت المستصرخ ، والصريخ أيضا الصارخ وهو المغيث والمستغيث أيضا (٢).
قوله عليهالسلام : « وأرسل عينيه » أي ماءهما بالبكاء.
قوله صلىاللهعليهوآله : « فيها جندل » أي حجارة وهي أكبر من الحصى.
قوله : « ريح فيها حصى » إشارة إلى قوله تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً » (٣) وقد ذكر قريبا مما ذكر في هذا الخبر جميع أهل السير.
قوله : « وإنه لن يفوتكم من أمره شيء » أي لا تيأسوا منه ولا تعجلوا في أمره
__________________
(١) الصحاح : ج ٤ ص ١٣٣٥.
(٢) نفس المصدر : ج ١ ص ٤٢٦.
(٣) سورة الأحزاب : ٩.