أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي » يعني حتى أرى هذا كما رأيت الأشياء كلها
______________________________________________________
أن يظهر للناس جواب تلك الشبهة التي تمسكت بها الملاحدة المنكرون للمعاد ، حيث قالوا : لو أكل إنسان إنسانا وصار غذاء له وجزء من بدنه ، فالأجزاء المأكولة إما أن تعاد في بدن الأكل أو في بدن المأكول وأياما كان لا يكون أحدهما بعينه معادا بتمامه على أنه لا أولوية لجعلها جزء من أحدهما دون الآخر ، ولا سبيل إلى جعلها جزء من كل منهما ، وأيضا إذا كان الآكل كافرا والمأكول مؤمنا يلزم تنعيم الأجزاء العاصية أو تعذيب الأجزاء المطيعة.
وأجيب بأنا نعني بالحشر إعادة الأجزاء الأصلية الباقية من أول العمر إلى آخره ، لا الحاصلة بالتعذية فالمعاد من كل من الأكل والمأكول الأجزاء الأصلية الحاصلة في أول الفطرة من غير لزوم فساد.
ثم أوردوا على ذلك بأنه يجوز أن يصير تلك الأجزاء الأصلية في المأكول الفضلية في الأكل نطفة وأجزاء أصلية لبدن آخر ويعود المحذور.
وأجيب : بأنه لعل الله تعالى يحفظها من أن تصير جزء لبدن آخر ، فضلا عن أن تصير جزء أصليا وظاهر الآية على التنزيل الوارد في هذا الخبر أنه إشارة إلى هذا الكلام ، أي أنه تعالى يحفظ أجزاء المأكول في بدن الأكل ويعود في الحشر إلى بدن المأكول كما أخرج تلك الأجزاء المختلطة ، والأجزاء والأعضاء الممتزجة من تلك الطيور وميز بينها.
وتفصيل القول في ذلك يقتضي مقاما آخر يسع التطويل والإطناب ، وفيما ذكرنا غنية لأولي الألباب.
قوله تعالى : « وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي » قال الرازي في تفسيره ، ذكر في سبب سؤال إبراهيم عليهالسلام وجوه.
الأول : قال الحسن والضحاك وقتادة وعطاء وابن جريح : إنه رأى جيفة