« قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً » فقطعهن
______________________________________________________
مطروحة في شط البحر فإذا مد البحر أكل منها دواب البحر وإذا جزر البحر جاءت السباع وأكلت ، وإذا ذهبت السباع جاءت الطيور وأكلت وطارت فقال إبراهيم « رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى » تجمع أجزاء الحيوان من بطون السباع والطيور ودواب البحر فقيل : « أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى » ولكن المطلوب من السؤال أن يصير العلم الاستدلالي ضروريا.
الوجه الثاني : قال محمد بن إسحاق والقاضي : سبب السؤال أنه مع مناظرته مع نمرود لما قال : « رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ » فأطلق محبوسا وقتل رجلا ، فقال إبراهيم : ليس هذا بإحياء وإماتة وعند ذلك قال : « رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى » لتنكشف هذه المسألة عند نمرود وأتباعه ، وروي عن نمرود أنه قال : قل لربك حتى يحيي وإلا قتلتك ، فسأل الله ذلك وقوله « لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي » أي بنجاتي من القتل أو ليطمئن قلبي بقوة حجتي وبرهاني ، وأن عدولي منها إلى غيرها ما كان بسبب ضعف تلك الحجة ، بل كان بسبب جهل المستمع.
والوجه الثالث : قال ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي أن الله تعالى أوحى إليه إني متخذ بشرا خليلا ، فاستعلم ذلك إبراهيم وقال : إلهي ما علامة ذلك قال : علامته أنه يحيي الموتى بدعائه ، فلما عظم مقام إبراهيم في درجات العبودية وأداء الرسالة خطر بباله إني لعلى أكون ذلك الخليل ، فسأل إحياء الميت فقال : أو لم تؤمن قال : بلى ولكن ليطمئن قلبي على أنني خليل لك.
الوجه الرابع : أنه عليهالسلام إنما سأل ذلك لقومه ، وذلك أن الأنبياء كان أممهم يطالبونهم بأشياء تارة باطلة ، وتارة حقة كقولهم لموسى : « اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ » فسأل ذلك إبراهيم ، والمقصود أن يشاهده قومه ، فيزول الإنكار عن قلوبهم.