واخلطهن كما اختلطت هذه الجيفة في هذه السباع التي أكل بعضها بعضا فخلط ثم
______________________________________________________
الوجه الخامس : ما خطر ببالي فقلت : لا شك أن الأمة كما يحتاجون في العلم بأن الرسول صادق في ادعاء الرسالة إلى معجز يظهر عليه ، فكذلك الرسول عند وصول الملك إليه وإخباره إياه بأن الله بعثه رسولا يحتاج إلى معجز يظهر مع ذلك الملك ، ليعلم الرسول أن ذلك الملك الواصل ملك كريم ، لا شيطان رجيم وكذا إذا سمع الملك كلام الله يحتاج إلى معجز يدل على أن ذلك الكلام كلام الله تعالى ، لا كلام غيره ، وإذا كان كذلك فلا يبعد أن يقال : إنه لما جاء الملك إلى إبراهيم وأخبره بأن الله تعالى بعثك رسولا إلى الخلق طلب المعجز. فقال : « رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي » على أن الآتي ملك كريم لا شيطان رجيم.
الوجه السادس : وهو على لسان أهل التصوف أن المراد من الموتى القلوب المحجوبة عن أنوار المكاشفات والتجلي ، والإحياء عبارة عن حصول ذلك التجلي والأنوار الإلهية ، فقوله : « أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى » طلب ذلك التجلي والمكاشفة فقال : أو لم تؤمن فقال : بلى أو من به ولكن أطلب حصولها ليطمئن قلبي بسبب حصول ذلك التجلي (١).
أقول : ثم ذكر وجوها أخر لا طائل في ذكرها.
ويؤيد الوجه الثالث : ما رواه الصدوق بإسناده ، عن علي بن محمد بن الجهم أنه سأل المأمون الرضا عليهالسلام عن هذه الآية فقال عليهالسلام : إن الله كان أوحى إلى إبراهيم عليهالسلام إني متخذ من عبادي خليلا إن سألني إحياء الموتى أجبته ، فوقع في نفس إبراهيم أنه ذلك الخليل فقال : « رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي » على الخلة قال : « فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَ
__________________
(١) التفسير الكبير : ج ٢ ص ٣٢٦.