جعل على كل جبل منهن جزءا « ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً » فلما دعاهن أجبنه وكانت
______________________________________________________
إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ » (١) فأخذ إبراهيم عليهالسلام نسرا وبطأ وطاووسا وديكا ، فقطعهن وخلطهن ثم جعل على كل جبل من الجبال التي حوله وكانت عشرة منهن جزء ، وجعل مناقيرهن بين أصابعه ، ثم دعاهن بأسمائهن ووضع عنده حبا وماء ، فتطايرت تلك الأجزاء بعضها إلى بعض حتى استوت الأبدان ، وجاء كل بدن حتى انضم إلى رقبته ورأسه ، فخلى إبراهيم عن مناقيرهن ، فطرن ثم وقعن فشربن من ذلك الماء والتقطن من ذلك الحب ، وقلن يا نبي الله أحييتنا أحياك الله ، فقال إبراهيم بل الله يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير (٢).
قوله تعالى : « فَصُرْهُنَ » قيل : هو مأخوذ من صاره يصوره إذا أماله ، ففي الكلام تقدير أي أملهن وضمهن إليك ، وقطعهن ثم اجعل ، وقال ابن عباس وابن جبير والحسن ومجاهد : « صرهن إليك » معناه قطعهن يقال صار الشيء يصوره صورا إذا قطعته ، وظاهر قوله : « فقطعهن » أنه تفسير لقوله تعالى « فَصُرْهُنَ » ويحتمل أن يكون بيانا لحاصل المعنى ، فلا ينافي الأول.
قوله عليهالسلام : « وكانت الجبال عشرة » وأخبار أهل البيت عليهالسلام في ذلك مستفيضة وعليه فرعوا أن لو أوصى رجل بجزء من ماله أنه ينصرف إلى عشر وقال بعض مفسري العامة إن المراد جميع جبال الدنيا بحسب الإمكان ، وقال بعضهم : إنها كانت أربعة ، وقال بعضهم : إنها كانت سبعة.
تذنيب :
اعلم إن القول بالمعاد الجسماني مما اتفقت عليه جميع أصحاب الشرائع
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٦٠.
(٢) عيون أخبار الرضا : ج ١ ص ١٩٨ ب ١٥ ح ١.