الجبال عشرة.
______________________________________________________
والأديان ، وهو من ضروريات الدين ، وإنكاره خروج عن الإسلام والإيمان والآيات الكريمة في ذلك مصرحة بحيث لا تقبل التأويل ، والأخبار متواترة لا يمكن ردها والطعن فيها ، ونفاه أكثر ملاحدة الفلاسفة تمسكا بامتناع إعادة المعدوم ولم يقيموا دليلا عليه ، بل تمسكوا تارة بادعاء البداهة ، وتارة بشبهات واهية لا يخفى ضعفها على من تأمل فيها بعين البصيرة.
وأما المتكلمون القائلون بالمعاد الجسماني فقد اختلفوا في كيفيته ، فمنهم من قال بإعادة البدن المعدوم بعينه ، ومنهم من قال يجمع الله أجزاءه المتفرقة كما كانت أولا وهم الذين ينكرون جواز إعادة المعدوم موافقة للفلاسفة.
قال المحقق الدواني : لا يقال لو ثبت استحالة إعادة المعدوم لزم بطلان الوجه الثاني أيضا لأن أجزاء بدن الشخص كبدن زيد مثلا وإن لم يكن لها جزء صوري لا يكون بدن زيد إلا بشرط اجتماع خاص وشكل معين ، فإذا تفرق أجزاؤه وانتفى الاجتماع والشكل المعينان لم يبق بدن زيد ، ثم إذا أعيد فإما أن يعاد ذلك الاجتماع والشكل بعينها ، أو لا؟ وعلى الأول يلزم إعادة المعدوم وعلى الثاني لا يكون المعاد بعينه هو البدن الأول بل مثله ، وحينئذ يكون تناسخا ومن ثمة قيل : ما من مذهب إلا وللتناسخ فيه قدم راسخ ، لأنا نقول : إنما يلزم التناسخ لو لم يكن البدن المحشور مؤلفا من الأجزاء الأصلية للبدن الأول ، وأما إذا كان كذلك فلا تستحيل إعادة الروح إليه ، وليس ذلك من التناسخ ، وإن سمي ذلك تناسخا كان مجرد اصطلاح ، فإن الذي دل على استحالته الدليل هو تعلق نفس زيد ببدن آخر ، لا يكون مخلوقا من أجزاء بدنه ، وأما تعلقه بالبدن المؤلف من أجزائه الأصلية بعينها مع تشكلها بشكل مثل الشكل السابق ، فهو الذي نعنيه بالحشر الجسماني ، وكون الشكل والاجتماع بالشخص غير الشكل الأول والاجتماع