آمِنِينَ » (١) فقال قتادة ذلك من خرج من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت كان آمنا حتى يرجع إلى أهله فقال أبو جعفر عليهالسلام نشدتك الله يا قتادة هل تعلم أنه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت فيقطع عليه الطريق فتذهب نفقته ويضرب مع ذلك ضربة فيها اجتياحه قال قتادة اللهم نعم فقال أبو جعفر عليهالسلام ويحك يا قتادة إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت وإن كنت قد أخذته من الرجال فقد هلكت وأهلكت ويحك يا قتادة ذلك من خرج من بيته بزاد وراحلة وكراء حلال يروم هذا البيت عارفا بحقنا يهوانا قلبه كما قال الله عز وجل : « فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ » (٢) ولم يعن البيت
______________________________________________________
هذه الآية لبيان حال تلك القرى في زمان قوم سبأ أي قدرنا سيرهم في القرى على قدر مقيلهم ومبيتهم لا يحتاجون إلى ماء ولا زاد لقرب المنازل ، وللأمر في قوله تعالى : « سِيرُوا » متوجه إليهم على إرادة القول بلسان الحال أو المقال ، ويظهر من كثير من أخبارنا أن الأمر متوجه إلى هذه الأمة ، أو خطاب عام يشملهم أيضا.
قوله : « إن كنت إنما فسرت القرآن » يدل كأخبار كثيرة على عدم جواز تفسير القرآن بالرأي وحملها الأكثر على المتشابهات ، ولتفصيل الكلام في ذلك مقام آخر.
قوله عليهالسلام : « ولم يعن البيت » أي لا يتوهم أن المراد ميل القلوب إلى البيت وإلا لقال إليه ، بل كان مراد إبراهيم أن يجعل الله ذريته الذين أسكنهم عند البيت أنبياء وخلفاء يهوي إليهم قلوب الناس ، فالحج وسيلة للوصول إليهم ، وقد استجاب الله هذا الدعاء في النبي وأهل بيته فهم دعوة إبراهيم.
قال الجزري : ومنه الحديث « وسأخبركم بأول أمري دعوة أبي إبراهيم ، وبشارة عيسى » دعوة إبراهيم هي قوله تعالى : « وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ
__________________
(١) سورة سبأ : ١٨.
(٢) سورة إبراهيم : ٣٧.