فيقول إليه فنحن والله دعوة إبراهيم عليهالسلام التي من هوانا قلبه قبلت حجته وإلا فلا يا قتادة فإذا كان كذلك كان آمنا من عذاب جهنم يوم القيامة قال قتادة لا جرم والله
______________________________________________________
آياتِكَ » وبشارة عيسى قوله : « وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ » (١).
أقول : قد روى الصدوق في كتاب العلل لهذه الآية تأويلا آخر في خبر طويل « أنه دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله عليهالسلام فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : أخبرني عن قول الله : « سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ » أين ذلك من الأرض؟ قال : أحسبه ما بين مكة والمدينة ، فالتفت أبو عبد الله عليهالسلام إلى أصحابه فقال تعلمون أن الناس يقطع عليهم بين المدينة ومكة فتؤخذ أموالهم ولا يؤمنون على أنفسهم ويقتلون ، قالوا نعم ، فسكت أبو حنيفة فلما خرج سأله أبو بكر الحضرمي عن ذلك؟ فقال : يا با بكر « سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ » فقال : مع قائمنا أهل البيت عليهمالسلام.
ولا تنافي بينهما إذ كل منهما بطن من بطون الآية.
قوله عليهالسلام : « لا جرم » قال الجوهري : قال الفراء : هي كلمة كانت في الأصل بمنزلة لا بد ولا محالة ، فجرت على ذلك وكثرت حتى تحولت إلى معنى القسم ، وصارت بمنزلة حقا ، فلذلك يجاب عنه باللام كما يجاب بها عن القسم ، ألا تراهم يقولون لا جرم لأتينك ، قال : وليس قول من قال جرمت حققت بشيء (٢).
وقال الجزري : هي كلمة ترد بمعنى لا بد ثم استعملت في معنى حقا ، وقيل : جرم بمعنى كسب ، وقيل : بمعنى وجب وحق ، و « لا » رد لما قبلها من الكلام ثم يبتدأ بها كقوله تعالى : « لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ » أي ليس الأمر كما قالوا ، ثم ابتدأ فقال : وجب لهم النار (٣).
__________________
(١) النهاية : ج ٢ ص ١٢٢.
(٢) الصحاح : ج ٥ ص ١٨٨٦.
(٣) النهاية ج ١ ص ٢٦٣.