ثم مضوا وقال الحسن العسكري أبو محمد لا أعلم ذا القول إلا وهو يستبقيهم وهو قول الله عز وجل : « يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ » (١) فأتوا لوطا وهو في زراعة له قرب المدينة فسلموا عليه وهم معتمون فلما رآهم رأى هيئة حسنة عليهم عمائم بيض وثياب بيض فقال لهم المنزل فقالوا نعم فتقدمهم ومشوا خلفه فندم على عرضه عليهم المنزل وقال أي شيء صنعت آتي بهم قومي وأنا أعرفهم فالتفت إليهم فقال إنكم تأتون شرار خلق الله وقد قال جبرئيل عليهالسلام لا نعجل عليهم حتى يشهد ثلاث شهادات فقال جبرئيل عليهالسلام
______________________________________________________
حتى هلكت لأنها كانت على دينهم ، فلم تؤمن به وقيل : معناه كانت من الباقين في عذاب الله.
قوله : « قال الحسن العسكري » الظاهر أن العسكري من طغيان قلم الناسخين ، وفي تفسير العياشي وقد مضى في كتاب الطلاق من هذا الكتاب أيضا الحسن بن علي بدون أبي محمد أيضا ، فالظاهر حينئذ أن المراد الحسن بن علي بن فضال ، بأن يكون ذكر هذا في أثناء رواية الحديث على وجه التفسير والتبيين ، وكنيته أيضا أبو محمد فلا ينافيه إن كان في الخبر.
ويحتمل أيضا أن يكون من كلام الصادق عليهالسلام راويا عن الحسن بن علي عليهالسلام وهو بعيد وعلى نسخة العسكري ، ويحتمل أن يكون كلام محمد بن يحيى روى هذا عن أبي محمد العسكري ، ذكره في أثناء تلك الرواية لتوضيحها.
وعلى التقادير المراد أن غرض إبراهيم من هذا الكلام لم يكن محض الشفقة على لوط ، بل كان غرضه عليهالسلام استبقاء قوم لوط ودفع العذاب عنهم والشفاعة لهم ، كما قال تعالى : « يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ » أي يجادل رسلنا ويسائلهم في قوم لوط ، ولما سألهم سؤال مستقصى سمي ذلك السؤال والشفاعة جدالا.
قوله عليهالسلام : « فقال لهم : المنزل » أي عرض عليهم المنزل والتمس منهم النزول فيه.
قوله عليهالسلام : « وقد قال جبرئيل لا تعجل » وفيما مضى في هذا الكتاب فقال
__________________
(١) سورة هود : ٧٤.