فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ » (١) وقال أبو جعفر عليهالسلام عاب آلهتهم : « فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ » (٢) قال أبو جعفر عليهالسلام والله ما كان سقيما وما كذب فلما تولوا « عَنْهُ مُدْبِرِينَ » إلى عيد لهم دخل إبراهيم عليهالسلام إلى آلهتهم بقدوم فكسرها « إِلاَّ كَبِيراً لَهُمْ » ووضع القدوم في عنقه فرجعوا إلى آلهتهم فنظروا إلى ما صنع بها فقالوا لا والله ما اجترأ عليها ولا كسرها إلا الفتى الذي كان يعيبها ويبرأ منها فلم يجدوا له قتلة أعظم من النار فجمع له الحطب واستجادوه حتى إذا كان اليوم الذي
______________________________________________________
على تحاج الخصمين ، وطلب كل واحد منهما غلبة خصمه ، وقد روي عن الصادق عليهالسلام أن إبراهيم قال له أحي من قتلته إن كنت صادقا ثم استظهر عليه بما قاله ثانيا « فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ » أي تحير عند الانقطاع بما بأن له من ظهور الحجة « وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ » بالمعونة على بلوغ البغية من الفساد ، وقيل : معناه لا يهديهم إلى المحاجة كما يهدي أنبياءه وقيل : معناه لا يهديهم بألطافه وتأييده إذا علم أنه لا لطف لهم ، وقيل لا يهديهم إلى الجنة (٣) انتهى كلامه ـ رحمهالله.
قوله تعالى : « فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ » قال الشيخ الطبرسي ـ رحمهالله ـ : اختلف في معناه على أقوال :
أحدها : أنه عليهالسلام : نظر في النجوم فاستدل بها على وقت حمى كانت تعتوره فقال إني سقيم أراد أنه قد حضر وقت علته وزمان نوبتها ، فكأنه قال : إني سأسقم لا محالة ، وحان الوقت الذي يعتريني فيه الحمى وقد يسمى المشارف للشيء باسم الداخل فيه قال الله تعالى : « إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ » (٤) وليس نظره في النجوم على حسب ما ينظره المنجمون طلبا للأحكام.
وثانيها : أنه نظر في النجوم كنظرهم لأنهم كانوا يتعاطون علم النجوم فأوهمهم أنه يقول بمثل قولهم ، فقال عند ذلك « إِنِّي سَقِيمٌ » فتركوه ظنا منهم
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٥٨.
(٢) سورة الصافّات : ٨٨ ـ ٨٩ ، .
(٣) مجمع البيان : ج ٢ ص ٣٦٨.
(٤) سورة الزمر : ٣٠.