التكذيب والإنكار « قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ » (١) يقول
______________________________________________________
وقال في موضع آخر : « قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً » (٢) فيظهر من تفسيره عليهالسلام هنا أن المراد أن أجر الرسالة إنما أطلبه ممن قبل قولي وأطاعني واتخذ إلى ربه سبيلا.
وقال في موضع آخر « قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ » فهذا خطاب للكافرين والجاحدين والمنافقين ، حيث لم يطلب منهم الأجر لعدم قبولهم رسالته صلىاللهعليهوآله.
وقال البيضاوي في الثانية : أي أي شيء سألتكم من أجر على الرسالة فهو لكم ، والمراد نفي السؤال عنه كأنه جعل التنبي مستلزما لأحد أمرين إما الجنون وإما توقع نفع لأنه إما أن يكون لغرض أو لغيره ، وأيا ما كان يلزم أحدهما ثم نفى كلا منهما ، وقيل : ما موصولة يراد بها ما سألهم بقوله : « ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً » وقوله : « لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » واتخاذ السبيل ينفعهم ، وقرباه قرباهم (٣).
وقال في الثالثة : « إِلاَّ مَنْ شاءَ » أي فعل من شاء « أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً » أي يتقرب إليه ، ويطلب الزلفى بالإيمان والطاعة ، فصور ذلك بصورة الأجر من حيث أنه مقصود فعله ، واستثناء منه قلعا لشبهة الطمع وإظهارا لغاية الشفقة ، حيث اعتد بإنفاعك نفسك بالتعرض للثواب والتخلص عن العقاب أجرا وافيا مرضيا به مقصورا عليه ، وإشعارا بأن طاعاتهم تعود عليه بالثواب من حيث أنها بدلالته ، وقيل الاستثناء منقطع ، معناه لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا فليفعل (٤).
__________________
(١) سورة ص : ٨٦.
(٢) سورة الفرقان : ٥٧.
(٣) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٢٦٤ ـ ٢٦٥.
(٤) أنوار التنزيل. ج ٢ ص ١٤٩.