أن يتواضعوا له وعز الذين يعلمون ما جلال الله أن يذلوا له وسلامة الذين يعلمون ما قدرة الله أن يستسلموا له فلا ينكرون أنفسهم بعد حد المعرفة ولا يضلون بعد الهدى فلا تنفروا من الحق نفار الصحيح من الأجرب والبارئ من ذي السقم واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه ولم تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه ولن تتلوا الكتاب حق تلاوته حتى تعرفوا الذي حرفه ولن تعرفوا الضلالة حتى تعرفوا الهدى
______________________________________________________
الله وجلاله فينبغي له أن يعد نفسه حقيرا فيما ظهر له من عظمته تعالى أو يعلم أن العظمة مختصة به تعالى وأما غيره فإنما يعد عظيما بما أعاره الله من العظمة فلا يجوز تعظيم أحد عليه ، أو يقال : إن غيره إنما يكتسب العظمة بالتذلل له ، والتواضع عنده ، والتقرب إليه ، فغاية العظمة والعزة في المخلوقين منوطة بنهاية التواضع والتذلل منهم ، ومن عرف قدرة الله علم أنه لا تكون السلامة في الدنيا والآخرة إلا بالاستسلام والانقياد ، له في جميع الأمور.
قوله عليهالسلام : « فلا ينكرون أنفسهم » الإنكار ضد المعرفة ، أي لا يجهلون أنفسهم ومعائبها وعجزها بعد ما عرفوها أو بعد ما عرفوا الله تعالى بالجلال والعظمة والقدرة.
قوله عليهالسلام : « الذي نقضه » ميثاق الكتاب.
قوله عليهالسلام : « ولن تمسكوا به » أي بالكتاب.
قوله عليهالسلام : « والتكلف » هو التعرض لما لا يعني ، وادعاء ما لا ينبغي ، والحاصل أنه لا يعرف الكتاب ولا يمكن العمل به وحفظه إلا بمعرفة حملته ، وأعدائهم المضيعين له ولا تعرف الهداية إلا بمعرفة أهلها والضلالة وأهلها ، فإن