ولن تعرفوا التقوى حتى تعرفوا الذي تعدى فإذا عرفتم ذلك عرفتم البدع والتكلف ورأيتم الفرية على الله وعلى رسوله والتحريف لكتابه ورأيتم كيف هدى الله من هدى فلا يجهلنكم الذين لا يعلمون إن علم القرآن ليس يعلم ما هو إلا من ذاق طعمه فعلم بالعلم جهله وبصر به عماه وسمع به صممه وأدرك به علم ما فات وحيي به بعد إذ مات وأثبت عند الله عز ذكره الحسنات ومحا به السيئات وأدرك به رضوانا من الله تبارك وتعالى
______________________________________________________
الأشياء إنما تعرف بأضدادها ، وعلامة معرفتها التميز بينها وبين معارضتها ومخالفاتها.
قوله عليهالسلام : « فلا يجهلنكم الذين لا يعلمون » على بناء الأفعال أي لا يوقعنكم في الجهل والضلالة بادعاء علم الكتاب والسنة ، لأن علم القرآن ليس يعلم ما هو إلا من عمل به ، واتصف بصفاته وذاق طعمه.
قوله عليهالسلام : « فعلم بالعلم جهله » أي ما جهله مما يحتاج إليه في جميع الأمور ، أو كونه جاهلا قبل ذلك ، أو كمل علمه حتى أقر بأنه جاهل ، فإن غاية كل كمال في المخلوق الإقرار بالعجز عن استكماله ، والاعتراف بثبوته كما ينبغي للرب تعالى ، أو يقال : إن الجاهل لتساوي نسبة الأشياء إليه لجهله بجميعها يدعي علم كل شيء ، وأما العالم فهو يميز بين ما يعلمه وما لا يعلمه ، فبالعلم عرف جهله ، ولا يخفى جريان الاحتمالات في الفقرتين التاليتين ، وأن الأول أظهر في الجميع ، بأن يكون المراد. بقوله عليهالسلام : « وبصر به عماه » أبصر به ما عمي عنه ، أو تبدلت عماه بصيرة.
قوله عليهالسلام : « وسمع به » يمكن أن يقرأ بالتخفيف أي سمع ما كان صم عنه أو بالتشديد أي بدل بالعلم صممه بكونه سميعا.
قوله عليهالسلام : « وأثبت » أي بعلم القرآن قوله « نور » إنما لم يجمع عليهالسلام