وإلى ابن شهر آشوب أيضا هذا القول (١) ، فجعله قولا ثالثا في المسألة.
فحينئذ يمكن الاستشهاد لهم بالنسبة إلى الجزء الأوّل من مدّعاهم ـ أي كون الكعبة قبلة لمن في المسجد ـ مضافا إلى الإجماع والضرورة : بالأدلّة الآتية ، وبالنسبة إلى الجزء الثاني ـ أي كون المسجد قبلة لسائر الناس ـ بظاهر قوله تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) (٢).
ولكن يتوجّه على الاستشهاد بالآية أنّها وإن كانت مشعرة بكون المأمور به هو التوجّه نحو المسجد من حيث هو وكونه بنفسه هو القبلة لكن الملحوظ فيها التوجّه نحو المسجد بلحاظ ما تضمّنته من البيت ، كما يفصح عن ذلك أخبار مستفيضة.
مثل ما عن الكافي ـ في الصحيح أو الحسن ـ عن الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سألته هل كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يصلّي إلى بيت المقدس؟ قال : «نعم» فقلت : أكان يجعل الكعبة خلف ظهره؟ فقال : «أمّا إذا كان بمكّة فلا ، وأمّا إذا كان هاجرها إلى المدينة فنعم حتّى حوّل إلى الكعبة» (٣).
وعن الثقة الجليل عليّ بن إبراهيم القمّي بإسناده إلى الصادق عليهالسلام «أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله صلّى بمكّة إلى بيت المقدس ثلاث عشرة سنة ، وبعد هجرته صلّى
__________________
(١) نسبه إليهم الفاضل الاصبهاني في كشف اللثام ٣ : ١٣٣ ، وكذا النراقي في مستند الشيعة ٤ : ١٥٢.
(٢) البقرة ٢ : ١٤٤ و ١٥٠.
(٣) الكافي ٣ : ٢٨٦ / ١٢ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب القبلة ، ح ٤.