الإكرام بالنسبة إلى كلّ عالم بغير يوم الجمعة.
لأنّا نقول : هذا إنّما هو في المثال ونظائره ممّا يستتبع العموم إطلاق أحواليّ بقاعدة الحكمة ونحوها ، لا في مثل المقام ؛ فإنّ إكرام كلّ عالم بمقتضى عمومه لا يدلّ إلّا على وجوب إكرام كلّ عالم في الجملة ، وهذا لا ينافي عدم وجوب إكرام بعضه أو جميعه في بعض الأحيان ؛ إذ لا مناقضة بين الإيجاب والسلب الجزئيّين ، وإنّما ينافي إطلاق وجوبه المستفاد من دليل الحكمة على تقدير جريان مقدّماته ، فيكون إكرام كلّ عالم بضميمة قاعدة الحكمة بمنزلة ما لو قال : أكرم كلّهم مطلقا ، فخروج البعض في بعض أحواله تخصيص لعمومه الأحوالي المستفاد من قاعدة الحكمة ، لا عمومه الأصلي الوضعي ، وهذا بخلاف ما نحن فيه ؛ فإنّ عمومه الأحوالي نشأ من تسليط النفي على طبيعة كلّ فرد فرد على الإطلاق ، فلا يمكن التفكيك ؛ لأنّ صحّة بعض الأفراد في الجملة يناقض كون النفي مسلّطا على ماهيّته من حيث هي ، كما هو واضح.
هذا ، مع أنّه قد يقال في المثال أيضا : إنّ عدم وجوب إكرام زيد في يوم الجمعة موجب لخروجه عن موضوع حكم العامّ مطلقا ، أي مانع عن ظهوره في شموله لهذا الفرد رأسا ؛ لأنّ مقتضى دليل الحكمة ليس إلّا وجوب إكرام كلّ عالم على الإطلاق بحيث يكون الإطلاق قيدا للإكرام ، لا صفة للوجوب ، فيكون معناه بضميمة دليل الحكمة : أنّ كلّ عالم يجب أن يكرم على الإطلاق ، أي دائما غير مشروط بحال أو زمان ، فخروج زيد في الجملة كاشف عن أنّه ليس منهم حيث لا يجب إكرامه على الإطلاق.