تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) في شموله له ، فيجب في سائر العقود الوفاء بها مطلقا ، وفي البيع بعد انقضاء خيار المجلس أو خيار الحيوان ، وفي غير زمان ظهور العيب مثلا.
وكيف كان فما نحن فيه ليس من هذا القبيل.
ولكن لقائل أن يقول : لا نسلّم أنّ معنى «لا صلاة إلّا إلى القبلة» (٢) أنّه لا يتحقّق شيء منها بلا استقبال ، بل معناه أنّه لا تتحقّق طبيعة الصلاة من حيث هي بلا استقبال ، فالكلام مسوق لنفي الجنس ، المستلزم للعموم السرياني ، لا لنفي الأفراد كي يفيد عموما اصطلاحيّا حتّى يقال : إنّ المتبادر من أفراد هذا العامّ هي أنواع الصلاة الواقعة في حيّز الأوامر الشرعيّة ، كصلاة الظهر والعصر ونحوهما ، وإنّ الإتيان بها مستقرّا أو غير مستقرّ من أحوال الفرد ، فخصوصيّة الأفراد غير ملحوظة فيها ، وإنّما الملحوظ جنسها ، فـ «لا صلاة إلّا إلى القبلة» يدلّ بظاهره على انتفاء ماهيّة الصلاة مطلقا عند انتفاء الاستقبال ، فلا يرفع اليد عن إطلاقه إلّا بمقدار دلالة الدليل ، وهو النافلة في حال المشي ، والمفروض أنّه ليس له عموم أفراديّ حتّى يقال : إنّ هذا الفرد خرج عن تحت العامّ ، بل عمومه سريانيّ نشأ من تعليق الحكم على الطبيعة ، ومعه لا مجال لهذا القول.
ولكن يتوجّه عليه : أنّ المتبادر من مثل هذا التركيب كون الواقع في حيّز كلمة «لا» نكرة ، لا اسم الجنس الذي أريد به الطبيعة المطلقة ، فالمتبادر من
__________________
(١) المائدة ٥ : ١.
(٢) تقدّم تخريجه في ص ٨٧ ، الهامش (١).