«لا رجل في الدار» أنّه لا شيء من أفراد الرجل في الدار ، لا أنّ طبيعة الرجل غير موجودة فيها كي يكون عمومه عموما سريانيّا ، فليتأمّل.
وأضعف من الأدلّة المتقدّمة : الاستدلال له بعموم قوله تعالى (حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) (١) ضرورة إجمال الآية في حدّ ذاتها ، وكون المراد بها الاستقبال فيما كان معهودا عندهم ، وهو حال مطلق الصلاة ، أو خصوص الفريضة ، كما يؤيّد الأخير مورد نزول الآية ، ويشهد بإرادتها بالخصوص الصحيحة الآتية (٢).
واستدلّ للقول بعدم الاشتراط : بالأصل.
وهو وجيه بعد ما عرفت من أنّه لا دليل يعتدّ به على الاشتراط بناء على ما هو التحقيق من أنّ المرجع عند الشكّ في الشرطيّة والجزئيّة هو البراءة وما جرى مجراها من الأصول النافية للشرطيّة ، لا الاشتغال ، إلّا أنّك عرفت (٣) عند البحث عن كيفيّة صلاة الأعرابي أنّ مقتضى القاعدة مشاركة الفريضة والنافلة في جميع الأجزاء والشرائط ، عدا ما دلّ دليل خاصّ على اختصاصه بشيء منهما ، ولذا لو لم تكن الأخبار الدالّة على جواز النافلة اختيارا بلا استقبال لا يكاد يشك أحد في شرطيّته في النافلة أيضا ، كالطهارة وإن كان دليله واردا في خصوص الفريضة.
ولكنّ الاعتماد على هذه القاعدة بعد ثبوت الفرق بينهما في الجملة مشكل ، فلا مانع عن الرجوع إلى الأصل الأوّلي المقرّر للشاكّ ، أي البراءة.
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٤٤ و ١٥٠.
(٢) في ص ١٥٣.
(٣) في ج ٩ ، ص ٦٧ وما بعدها.