الكعبة ، لوجب إذا كان في صفّ طويل خلف الإمام أن تكون صلاتهم أو صلاة أكثرهم إلى غير القبلة ، إلى أن قال : ولا يلزمنا مثل ذلك ؛ لأنّ الفرض التوجّه إلى الحرم ، والحرم طويل يمكن أن يكون كلّ واحد من الجماعة متوجّها إلى جزء منه (١). انتهى.
وأورد عليه بالنقض بأهل العراق ونحوهم ممّن كان مكلّفا في تشخيص القبلة بالرجوع إلى علامة واحدة ، كجعل الجدي بين الكتفين أو خلف المنكب ونحو ذلك مع تشتّت بلادهم وأوسعيّتها من الحرم ، فيعلم إجمالا بعدم محاذاة أكثرهم للحرم محاذاة حقيقيّة ، فلو فرض صفّ طويل في العراق ـ مثلا ـ طوله أزيد من أربعة فراسخ ، يرد عليه من الإشكال مثل ما أورده علينا.
وحلّه : أنّ المعتبر في حقّ البعيد إنّما هو الاستقبال العرفي الحاصل بالتوجّه إلى الجهة المتضمّنة للقبلة ، ولا يتفاوت الحال في ذلك بالنسبة إلى البعيد ـ كأهل العراق مثلا ـ بين أن تكون القبلة هي الكعبة أو الحرم ، وأمّا إذا كان قريبا من الكعبة بحيث يخرج بعض الصفّ المفروض عن مواجهة الكعبة عرفا ، فنلتزم ببطلان صلاتهم ، ولا محذور فيه.
أقول : أمّا ما قيل في حلّ الإشكال من الالتزام بكفاية الجهة فقد تفطّن له الشيخ ، وتعرّض لإبطاله في عبارته المحكيّة (٢) عنه بما لم نتحصّل مراده ، ولذا طويناها ، ولعلّها غير نقيّة عن الغلط.
__________________
(١) الخلاف ١ : ٢٩٥ ـ ٢٩٦ ، المسألة ٤١.
(٢) آنفا.