وكيف كان فستعرف عند شرح معنى الجهة صحّة ما قيل ، واندفاع الإشكال به بوجوه غير قابلة للتشكيك.
وأمّا النقض عليه برجوع أهل كلّ قطر من الأقطار العظيمة إلى أمارة واحدة :فيمكنه التفصّي عن ذلك بأنّ تكليف البعيد لأجل تعذّر تحصيل الموافقة القطعيّة ليس إلّا حرمة المخالفة القطعيّة والرجوع إلى الأمارات المشخّصة للجهة التي يقرب عندها احتمال الإصابة ما لم يعلم بعدم الإصابة في مورد ابتلائه ، فعلمه إجمالا بتخلّف الأمارة عن الواقع في الجملة غير قادح في حقّه ؛ لأنّ كلّ مكلّف يراعي ما يقتضيه تكليفه حين الفعل ، وليس جميع أطراف ما علمه بالإجمال مورد ابتلائه فعلا حتى يمنعه عن الاعتماد على الأمارة.
وحيث إنّ ما فرضه المعترض من الصفّ الطويل مجرّد فرض لا يكاد يتحقّق في الخارج لا يرد به النقض على الشيخ.
وأمّا الصفّ الذي فرضه الشيخ : فهو فرض كثير الوقوع ، ففي مثل هذا الفرض بناء على اعتبار محاذاة الكعبة كثيرا مّا يتولّد للمأموم من علمه الإجمالي بعدم محاذاة بعض أهل الصفّ للقبلة علم تفصيليّ ببطلان صلاته ، كما لو كان الفصل بينه وبين الإمام أو من يتّصل بواسطتهم إلى الإمام أزيد من طول الكعبة ، فتأمّل (١).
__________________
(١) قوله : «فتأمّل» إشارة إلى أنّ الانحراف الغير الموجب للخروج عمّا بين المشرق والمغرب ما لم يكن عن عمد لا يوجب بطلان الصلاة ، إلّا على قول لم يعرف له قائل محقّق وإن قوّاه بعض المتأخّرين واستظهره من كلام جملة من القدماء ، ولكنّك ستعرف في محلّه ضعفه.(منه).