وكيف كان فعمدة ما يصحّ الاستناد إليه حجّة للقول المزبور هي الأخبار المتقدّمة.
ونوقش فيها بضعف السند ومعارضتها بالأخبار المتقدّمة التي هي أرجح منها من حيث الشهرة والكثرة وعدالة الراوي في بعضها ، وعلى تقدير التكافؤ فالمرجع قاعدة الاشتغال.
والجواب : أمّا عن ضعف السند : فبانجباره بشهرة الروايات وعمل الأصحاب بها قديما وحديثا.
وأمّا عن المعارضة : فبالمنع ؛ فإنّ الأخبار المتقدّمة ـ مع عدم ظهور يعتدّ به لما عدا روايتي (١) الطبرسي وابن سنان في الانحصار ـ قابلة للحمل على ما لا ينافي هذا التفصيل ، لا بارتكاب التخصيص وحمل ما دلّ على أنّ الكعبة هي القبلة على إرادتها بالنسبة إلى خصوص من في المسجد ، فإنّه في غاية البعد ، بل بعضها صريح أو كالصريح في خلافه ، كرواية الاحتجاج وخبر ابن سنان ، المتقدّمتين (٢) ، بل بالحمل على إرادة البيت وتوابعه ممّا حوله ، كجهتي الفوق والتحت إمّا لتبعيّتها له أو من باب تسمية الكلّ باسم أشرف أجزائه.
وأمّا هذه الأخبار فإنّه وإن أمكن تأويلها أيضا بما لا ينافي القول الأوّل ـ كالحمل على إرادة سعة جهة المحاذاة للبعيد وجري التعبير مجرى العادة ـ لكنّ التصرّف فيها أبعد من التصرّف في تلك الأخبار ، بل بعض هذه الروايات ـ كخبر (٣)
__________________
(١) تقدّمت في ص ١٣.
(٢) تقدّمت في ص ١٣.
(٣) تقدّم تخريجه في ص ١٦ ، الهامش (٣).