خلاف القبلة ، والأصول بالنسبة إليها متعارضة ، فتجب إعادة الجميع ، وإيقاعها إلى الجهة التي أدّى إليها اجتهاده الفعلي.
لكن لا يخفى عليك أنّ هذا فيما إذا كان حصول العلم بوقوع بعض تلك الصلوات إلى غير القبلة قبل فوات وقتها ، كما لو صلّى كلّا من الظهرين وغيرهما من الآيات ونحوها أو شيئا ممّا عليه من الفوائت فيما بين الزوال إلى الغروب ، أو كانت الجميع مقضيّة أو مؤادّة غير موقّتة ، وإلّا فلو صلّى صلوات متعدّدة باجتهادات متعدّدة في أوقات متباينة بحيث لم يعلم بحصول الاستدبار في شيء منها إلّا بعد خروج وقته ، لم تجب إعادتها ، كما عرفته فيما سبق.
وحيث جعل في الجواهر مبنى عدم نقض الاجتهاد السابق باللاحق الأصل وقاعدة الإجزاء وأنّ نقض الاجتهاد السابق باللاحق ليس بأولى من عكسه لم يرفرقا بين الفروض المتقدّمة ، فأوجب إتمام الصلاة بحسب اجتهاده اللاحق فيما إذا كان في الأثناء كما سمعته في عبارته المتقدّمة (١) ، ولم يوجب إعادة شيء من الصلوات الواقعة بالاجتهادات في الفرض الأخير (٢).
وأنت خبير بما في هذه المباني ؛ فإنّه إن أريد بالأصل قاعدة الصحّة والشكّ بعد الفراغ ، فهي لا تجري في الفرض الأخير ؛ لابتلائها بالمعارض.
وإن أريد بها أصالة البراءة ونحوها ـ كما هو الظاهر ـ ففيه ما لا يخفى بعد ثبوت أصل التكليف ، وكون الشكّ في الخروج عن عهدته.
__________________
(١) في ص ١٨٢ ـ ١٨٣.
(٢) جواهر الكلام ٨ : ٤١ ـ ٤٢.