فربما نسب (١) إلى الأكثر المنع مع الاختلاف الكثير ؛ لأنّ المأموم يعلم تفصيلا ببطلان صلاته إمّا لفساد صلاته من حيث هي ، أو فساد صلاة إمامه ، بل عن التذكرة ونهاية الإحكام احتمال المنع مطلقا حتّى مع الاختلاف اليسير (٢). وسنشير إلى ما يمكن أن يكون منشأ لهذا الاحتمال.
وقيل بالجواز مطلقا ، كما صرّح به في الجواهر حيث قال : لا بأس بائتمام المجتهدين بعضهم ببعض وإن تضادّوا في الاجتهاد أو اختلفوا بالكثير فضلا عن الاختلاف اليسير ؛ لصحّة صلاة كلّ منهم واقعا بقاعدة الإجزاء وغيرها ممّا عرفته سابقا ، وفاقا لكشف اللثام ، ولم يستبعده في التذكرة والمدارك (٣). انتهى.
وقد عرفت آنفا أنّ ما بنى عليه هذه الفروع من قاعدة الإجزاء وغيرها ممّا تقدّم نقله سابقا ممّا لا ينبغي الركون إليه ، وأنّ اعتبار الظنّ بالقبلة من باب الطريقيّة ، لا الموضوعيّة بتنزيل القبلة المظنونة منزلة القبلة الواقعيّة.
وحيث علم إجمالا بمخالفة أحد الظنّين للواقع لا يجوز التعويل على شيء منهما إذا كان كلّ من أطراف الشبهة مورد ابتلاء المكلّف ولم يكن الأصل الجاري في بعض الأطراف سليما عن المعارض ، كما في بعض الفروع المتقدّمة.
فالعبرة في المقام ـ كما في تلك الفروع ـ بما أشرنا إليه في ما سبق من كون العلم الإجمالي صالحا لتنجيز التكليف بالواقع وعدمه.
__________________
(١) الناسب هو العاملي في مدارك الأحكام ٣ : ١٥٥.
(٢) تذكرة الفقهاء ٣ : ٢٧ ، الفرع «ج» من المسألة ١٤٦ ، نهاية الإحكام ١ : ٤٠٢ ، وحكاه عنهما صاحب كشف اللثام فيه ٣ : ١٨٧.
(٣) جواهر الكلام ٨ : ٤٥ ، وانظر : كشف اللثام ٣ : ١٨٦ ، وتذكرة الفقهاء ٣ : ٢٦ ، ذيل المسألة ١٤٦ ، ومدارك الأحكام ٣ : ١٥٥ ـ ١٥٦.