الصحيحة للسباع ليس بالنصوصيّة ، بل بواسطة عموم «أشباهها» القابل للصرف لو لم نقل بانصرافه في حدّ ذاته عن السباع ، فارتكاب التخصيص فيها أهون من حمل النواهي الكثيرة المتعلّقة بالسباع على الكراهة ، وهذا بخلاف المقام ؛ فإنّ المعارضة بينها وبين أخبار المنع من قبيل معارضة النصّ والظاهر ، فيحمل أخبار المنع على الكراهة.
لكن قد أشرنا آنفا إلى أنّ موثّقة ابن بكير آبية عن هذا الحمل ، فهي معارضة لهذه الصحيحة أيضا كغيرها من المذكورات ، والترجيح للموثّقة ، كما ظهر وجهه فيما سبق.
وربما جعل بعض (١) الأخذ بالصحيحة أرجح إمّا لزعمه عدم حجّيّة الموثّق ، فتسميته ترجيحا على هذا التقدير مسامحة ، أو لبنائه على أنّ الترجيح بصفات الراوي مقدّم على الترجيح بالمرجّحات الخارجيّة من تقيّة ونحوها.
وفيه : ما تقرّر في محلّه من حجّيّة الموثّق خصوصا مثل هذا الخبر المعتضد بمعاضدات كثيرة تقدّمت الإشارة إليها إجمالا.
وأمّا الصحيحة : فقد عرفت فيما سبق أنّه لا بدّ من رفع اليد عن ظاهرها بالنسبة إلى السباع ، فهي بظاهرها غير معمول بها ، وارتكاب التأويل فيها بالحمل على إرادة ما عدا السباع وجعل مأوّلها دليلا لطرح الموثّقة ليس بأولى من جعل الموثّقة وغيرها من الأخبار العامّة والخاصّة الواردة في السباع وغيرها شاهدة لحمل الصحيحة على التقيّة ، بل هذا هو الأولى ، مع أنّ إعراض الأصحاب عن
__________________
(١) لاحظ : المعتبر ٢ : ٨٧.