المذكورة فيها جارية مجرى التمثيل.
هذا ، ولكنّ الإنصاف أنّ استفادة المنع عن مثل الحشرات والطيور من هذه الموثّقة لا تخلو عن تأمّل إلّا بضميمة عدم القول بالفصل ، وتماميّته في غير ذي النفس محلّ نظر ، فالقول بالجواز ـ كما يظهر من بعض (١) المتأخّرين ـ قويّ ، ولكنّ المنع مطلقا إن لم يكن أقوى فلا ريب في أنّه أحوط.
هذا كلّه فيما له لحم يعتدّ به بنظر العرف كالجرّي وأشباهه ، وأمّا ما لا لحم له عرفا ـ كالبقّ والبرغوث والقمّل والزنبور والخنافس وأشباهها ـ فلا ينبغي التأمّل في انصراف الأدلّة عنه.
ولذا لا يتوهّم أحد من العوامّ المنع عن الصلاة في الثوب المخيط بالإبريسم بل ولا في الحرير المحض بلحاظ كونه من فضلات غير المأكول ولا فيما أصابه شيء من العسل أو شمعه مع معهوديّة اتّخاذ هذه الأشياء من غير المأكول ، ومغروسيّة المنع عن الصلاة في غير مأكول اللحم في أذهانهم.
فما عن بعض ـ من الاستشكال في الشمع ونحوه ممّا ليس فيه سيرة قطعيّة (٢) ؛ نظرا إلى عموم أدلّة المنع ـ ضعيف.
لا يقال : إنّ الموثّقة المزبورة ـ التي هي العمدة في هذا الباب ـ خالية عن ذكر اللحم ، وإنّما وقع فيها تعليق المنع على كون الشيء محرّم الأكل ، وهو يصدق عرفا على كلّ حيوان لا يجوز أكله ولو مثل البقّ والبرغوث وإن لم يطلق عليه
__________________
(١) لاحظ مدارك الأحكام ٣ : ١٦١.
(٢) حكاه صاحب الجواهر فيها ٨ : ٦٩ عن الوحيد البهبهاني في شرحه على المفاتيح ، وهو مخطوط.