فضلا عن عدّ مثل هذه الروايات معارضة للأخبار المصرّحة بنفي البأس عنه ، فعمدة ما يستفاد منه المنع هي موثّقة ابن بكير ، وقد عرفت عند التكلّم في السنجاب أنّ هذه الموثّقة أيضا قابلة للتخصيص أو التأويل بالنسبة إلى بعض ما جرى ذكره في السؤال ، كما في السنجاب ، فهي أيضا لا تصلح لمعارضة الأخبار الخاصّة ، ولذا قال كاشف اللثام ـ على ما حكي عنه ـ : لم أظفر بخبر معارض للجواز في خصوص الفنك (١).
ومن هنا قد يقوى في النظر القول بالجواز كما عن الصدوق في المقنع والأمالي (٢) ، بل عن الأمالي أنّ من دين الإماميّة الرخصة في السنجاب والفنك والسمّور (٣).
ولكنّ الأحوط بل الأقوى المنع ؛ لوهن أخبار الجواز بإعراض المشهور ؛ فإنّ التعويل عليها بعد إعراض الأصحاب عنها في غاية الإشكال خصوصا مع استفاضتها وصحّة غير واحد منها وصراحتها في المدّعى ، وسلامتها عن معارض مكافئ ، فإنّ ما أعرضوا عنه كلّما ازداد قوّة من حيث السند والدلالة ازداد وهنا.
هذا ، ولكنّ الإنصاف أنّ الإغماض عن مثل هذه الأخبار بمجرّد ذلك أشكل ؛ فإنّ إعراضهم لا يوجب الوهن فيها من حيث السند بعد استفاضتها واشتهارها بين الأصحاب من حيث الصدور ، فغاية ما يمكن ادّعاؤه كونه كاشفا ظنّيّا
__________________
(١) كشف اللثام ٣ : ٢٠٤ ، وحكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٨ : ١٠٦.
(٢) المقنع : ٧٩ ، أمالي الصدوق : ٥١٣ ، وحكاه عنه النراقي في مستند الشيعة ٤ : ٣٣٣.
(٣) أمالي الصدوق : ٥١٣ ، وكما في جواهر الكلام ٨ : ٩٧.