المراهقين للبلوغ ممّن تعمّهم أدلّة الحرمة بظاهرها لو لا حديث «رفع القلم» (١) واشتراط صحّة التكليف بالبلوغ والعقل : فقد يقوى في النظر أيضا جواز تمكينهم منه ؛ لانتفاء الحرمة في حقّ الصبي والمجنون بانتفاء شرط التكليف ، فلا يوصف لبس الحرير ـ الذي حصل بفعلهما ـ بالحرمة بالنسبة إليهما ، وحيث لا يحرم عليهما اللّبس فلا مانع من جواز تمكينهما منه ؛ فإنّ حرمة تمكين الغير من لبس الحرير إنّما هي لكونه إعانة على الإثم ، ولا إثم في الفرض كي يكون تمكينهما منه إعانة عليه.
ولكنّ الأقوى عدم الجواز ؛ إذ لو صحّ ما ذكر لاقتضى جواز ذلك بعث المجانين والأطفال على ارتكاب سائر المحارم من شرب الخمر وأكل مال الغير وغيره من النجاسات والمحرّمات ، وهو واضح الفساد.
ودعوى أنّ وضوح فساده إنّما هو فيما إذا كان المحرّم ممّا علم من حال الشارع إرادة عدم حصوله في الخارج من أيّ شخص كان بحيث لو قصد شخص إيجاده جهلا أو غفلة لوجب على من التفت إليه تنبيهه ومنعه عن الفعل ، كما في قتل النفوس وهتك الأعراض ، لا في مثل استعمال النجاسات في المأكول والمشروب ولبس الحرير ونحو ذلك ممّا لا يجب فيه تنبيه الغافل وإعلام الجاهل وردع غير المكلّف ومنعهم عن الفعل ، وأمّا في مثل هذه الموارد التي لا يجب فيها الردع ما لم يكن الفاعل منجّزا في حقّه التكليف بالاجتناب كي يندرج في موضوع النهي عن المنكر فلا نسلّم حرمة التمكين ، مدفوعة : بأنّ من الواضح أنّه
__________________
(١) يأتي تخريجه في ص ٣٢٤ ، الهامش (١).