لا يجوز تقديم الخمر أو لحم الخنزير أو غيرهما من أنواع المحرّمات إلى الصبي والمجنون أو الغافل والجاهل الذي لا يتنجّز في حقّه التكليف بالاجتناب عنه ، مع أنّه لو تناوله بنفسه جهلا أو غفلة لم يجب منعه بلا إشكال ، لا لكونه إعانة على الإثم ؛ إذ لا إثم في شيء من الفروض ، بل لأنّ بعث الغير على ارتكاب ما حرّمه الله عليه كارتكابه بنفسه للمحرّم قبيح عقلا وإن لم يتّصف فعل المباشر ـ من حيث صدوره منه ـ بالقبح ؛ لكونه مكرها أو لغفلته ، وعدم كونه بعنوانه المحرّم اختياريّا له إمّا حقيقة ، كما في الجاهل والغافل ، أو حكما ، كما في المجنون أو الصبي الذي عمدهما خطأ.
ألا ترى أنّه لو حرّم المولى على بعض عبيده فعلا ، فحمله بعض آخر على إيجاد ذلك الفعل كرها أو من غير التفات وشعور ، استندت المخالفة إلى ذلك الآخر بحيث يحسن مؤاخذته على المخالفة؟
والحاصل : أنّه يستفاد من مثل قوله صلىاللهعليهوآله : «هذان محرّمان على ذكور أمّتي» (١) وقوله عليهالسلام : «وحرم ذلك على الرجال» (٢) وغير ذلك أنّ لبس الرجال للحرير مبغوض للشارع ، فمتى لبسه رجل عن عزم وإرادة ، فقد أتى بما هو مبغوض للشارع اختيارا ، واستحقّ بذلك العقوبة ، ولو أتى بها مكرها أو جهلا أو نحو ذلك ، فقد أتى بما هو المبغوض للشارع لكن على وجه لا يوصف من حيث صدوره منه بالقبح ؛ لعدم كونه بعنوانه المقبّح له اختياريّا له. ولو أوجد هذا الفعل شخص آخر بأن مكّن ذلك الشخص هذا الرجل من إيجاد هذا الفعل بحيث صدر
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٢٩٩ ، الهامش (٤).
(٢) تقدّم تخريجه في ص ٣٠١ ، الهامش (٧).