منه لا عن اختيار ، فقد صدر القبيح من ذلك الشخص حيث أوجد بالتسبيب ما هو المبغوض للشارع عن عزم واختيار.
لا يقال : إنّه لو تمّ ما ذكر فهو بالنسبة إلى الغافل والجاهل ونحوهما ممّن تكون المحرّمات محرّمة عليهم في الواقع ، ولكن لا تتنجّز عليهم التكاليف الواقعيّة ؛ لجهلهم ، فمن ألجأهم إلى مخالفة تلك الأحكام الواقعيّة يكون بمنزلة عبد ألجأ العبد الآخر في مخالفة سيّده ، لا بالنسبة إلى المجنون وغير البالغ الذي لا تكليف عليه في الواقع.
لأنّا نقول : عدم كون غير البالغين ، والمجانين مكلّفين باجتناب المحرّمات وفعل الواجبات ؛ لنقص فيهم ، لا لقصور في أدلّة التكاليف ، فالتكاليف تكاليف شأنيّة في حقّهم بحيث لو جاز تنجّزها في حقّهم ومؤاخذتهم على مخالفتها ، لتنجّزت ، ولكنّه لا يجوز شرعا وعقلا ، فمن حملهم على مخالفتها ليس إلّا كمن أوقع الجاهل والغافل في مخالفة التكاليف الواقعيّة.
اللهمّ إلّا أن يدّعى أنّه يستفاد من مثل قوله عليهالسلام : «رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق» (١) عدم ملحوظيّة الصبي والمجنون رأسا في مقام شرع التكاليف ، فلا أثر للتكاليف بالنسبة إليهم أصلا ، لا أنّها تكاليف شأنيّة بحيث يتفرّع عليها حسن مؤاخذة المكلّف الذي صار سببا لمخالفتها.
ولكن يتوجّه على ذلك ما تقرّر في محلّه من أنّ المراد بالحديث على ما يتبادر منه رفع قلم المؤاخذة دنيويّة كانت أم أخرويّة ، فلا يؤاخذ الصبي و
__________________
(١) الخصال : ٩٣ ـ ٩٤ / ٤٠ ، و ١٧٥ / ٢٣٣ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب مقدّمة العبادات ، ح ١١.