المجنون بشيء من مخالفة التكاليف والالتزامات الصادرة منه من العقود والإيقاعات وغيرها ، لا أنّهما غير ملحوظين رأسا في مقام شرع التكاليف ، ولذا قوّينا صحّة عبادات الصبي واستحقاقه الأجر والثواب بإطاعة الفرائض والسنن والاجتناب عن المحرّمات والمكروهات ، بل وكذلك المجنون إذا كان له من العقل بقدر أن يتأتّى منه قصد الامتثال.
ولكن لا يخفى عليك أنّ ما ادّعيناه من حرمة تمكين الغير وبعثه على ارتكاب ما حرّمه الله على عباده وإن كان ذلك الغير صبيّا أو مجنونا أو غافلا إنّما هو فيما إذا لم يكن عنوان البلوغ أو العقل أو العمد والاختيار مأخوذا في الأدلّة السمعيّة قيدا لمتعلّق التكليف ولو من حيث الانصراف الناشئ من المناسبة بين الحكم وموضوعه أو غير ذلك من الأمور المقتضية للصرف ، وإلّا فلا تأمّل في أنّه لو كان مفاد الدليل السمعي الدالّ على حرمته أنّه يحرم على العاقل أو على البالغ أو الملتفت أو نحو ذلك ، لا يحرم تمكين من لم يندرج في موضوع متعلّق الحكم وبعثه على ذلك الفعل.
اللهمّ إلّا أن يعلم من الخارج أنّ أخذه قيدا في الموضوع لكونه شرطا في صحّة التكليف من غير أن يكون له مدخليّة في أصل الحكم ، فحاله حينئذ حال ما عرفت.
وملخّصه أنّه إذا دلّ الدليل على أنّ الله تعالى حرّم على عباده ـ مثلا ـ شرب الخمر أو أكل لحم الخنزير ، أو حرّم على الرجال لبس الحرير أو النظر إلى الأجنبيّة أو نحو ذلك ، فهم من ذلك الدليل أنّ صدور ذلك الفعل من كلّ من صدق عليه