من حدّد الكفّ ونحوه بالأربع أصابع على خصوص هذا الخبر غير معلوم كي يدّعى انجبار ضعفه بالعمل ، فالأصل في المقام إنّما هو ظواهر الأدلّة المتقدّمة التي قد عرفت أنّ مفادها إنّما هو حرمة لبس الحرير المحض ، ولا يتحقّق هذا المفهوم عرفا إلّا إذا صدق على الملبوس من حيث هو أنّه حرير محض ، دون ما إذا كان الحرير المحض جزءا منه ، خصوصا إذا كان مثل الكفّ ونحوه ممّا يعدّ عرفا من توابع اللباس ، لا من مقوّمات موضوعه ، بل قد أشرنا إلى أنّ المتبادر من «لا تحلّ الصلاة في حرير محض» (١) من حيث هو مع قطع النظر عن القرائن الخارجيّة أيضا ليس إلّا ذلك ؛ حيث إنّ ظاهره إرادة الظرفيّة الحقيقيّة بأن يكون الحرير المحض لباسا للمصلّي ، لا متعلّقا به أو بلباسه بنوع من أنواع العلائق ، كالكف والعلم ونحوه.
نعم ، لا يبعد دعوى صدق لبس الحرير المحض والصلاة فيه على ما إذا كان جزءا مستقلّا من اللباس بحيث لو انفصل عن الجزء الآخر لعدّ بنفسه لباسا مستقلّا ، فالأظهر في مثل الفرض عدم جواز الصلاة فيه وحرمة لبسه.
ولا ينافيه الخبران (٢) المتقدّمان ، فإنّه وإن لا يصدق على المجموع المركّب الذي هو ثوب واحد بالفعل أنّه المصمت من الإبريسم ، أو أنّه الحرير المبهم ، ولكن لا يبعد دعوى انصراف الخبرين عن مثل هذا الثوب الذي يكون جزؤه الحرير بمنزلة لباس مستقلّ.
وممّا يؤيّد أيضا نفي البأس عن الكف والعلم ونحوهما رواية الحلبي ،
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٣٠٤ ، الهامش (١).
(٢) أي خبرا أبي داود يوسف بن إبراهيم ويوسف بن ـ محمّد بن ـ إبراهيم ، المتقدّمان في ص ٣٠١ و ٣٠٢.