ثمّ إنّ ظاهر الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ التسالم على أنّه لا يجب على الرجل أن يستر في الصلاة أزيد ممّا يجب عليه ستره عن الناظر المحترم ، أي عورته ، بل ربما يظهر من كلماتهم في فتاويهم ومعاقد إجماعاتهم المحكيّة كونه من المسلّمات التي يكاد يلحق بالضروريّات ، فالخلاف في المقام بحسب الظاهر إنّما هو في تحديد العورة ، فمن زعم أنّه يجب عليه ستر ما بين السّرّة والركبة ذهب إلى أنّ مجموعه عورة ؛ استنادا إلى بعض الأخبار التي عرفتها مع ما فيها.
واحتمال التزامه بذلك في باب الصلاة من باب التعبّد لا لأجل كون المجموع عورة ، مع مخالفته لما حكوه عنه ، مدفوع : بأنّه لا دليل عليه بالخصوص في باب الصلاة ، كما أنّه لا دليل على ما حكي عن أبي الصلاح من وجوب ستر ما بين السّرّة إلى نصف الساق (١) ، سواء أراد به الوجوب التعبّدي أو من باب كون مجموع هذه المسافة عورة ، ولهذا احتمل في الجواهر (٢) رجوع هذا القول إلى القول السابق بالالتزام بوجوب الستر إلى نصف الساق من باب المقدّمة لا بالأصالة.
وكيف كان فيتوجّه عليه ـ مضافا إلى ضعفه في حدّ ذاته على كلّ تقدير ـ منافاته لما رواه الصدوق في الفقيه عن أبي بصير أنّه قال لأبي عبد الله عليهالسلام : ما يجزئ الرجل من الثياب أن يصلّي فيه؟ فقال : «صلّى الحسين بن علي عليهماالسلام في ثوب قد قلص (٣) عن نصف ساقه وقارب ركبتيه ليس على منكبيه منه إلّا قدر جناحي الخطّاف ، وكان إذا ركع سقط عن منكبيه ، وكلّما سجد يناله عنقه فردّه
__________________
(١) راجع : الهامش (٤) من ص ٣٩٩.
(٢) جواهر الكلام ٨ : ١٨٤.
(٣) قلص الثوب : انضمّ وانزوى. لسان العرب ٧ : ٧٩ «قلص».