إنّما مفادها نفي شرطيّة القيام وكون صلاتهم عن جلوس ، لا أنّه يجب عليهم الإتيان بجميع أجزاء الصلاة عن جلوس بحيث ينافيه الركوع والسجود ، فوجوب الإيماء على الإمام أو مطلقا إن قلنا به إنّما يستفاد من سائر الأخبار ، لا من هذه الرواية.
فتلخّص ممّا ذكر أنّه لا يصلح شيء من المذكورات لمعارضة الموثّقة ، فيجب الأخذ بمفادها بناء على حجّيّة الخبر الموثّقي كما هو التحقيق.
ولا يشكل ذلك بظهور الموثّقة ـ بواسطة ما فيها من التفصيل بين الإمام والمأموم في الإيماء ـ في دوران شرعيّة الإيماء مدار عدم الأمن ، فحيث إنّ الإمام بواسطة تقدّمه في المكان والأفعال لا يأمن من اطّلاع المأمومين على عورته ، وجب عليه الإيماء ، والمأمومون بواسطة اعتدال صفّهم والتصاق بعضهم ببعض ومقارنتهم في الأفعال مأمونون من ذلك ، فوجب عليهم الركوع والسجود ، مع مخالفته لظواهر أخبار الباب ، التي هي متّفقة الدلالة ـ كما عرفته سابقا ـ على أنّ العاري فرضه الإيماء ، سواء أمن من المطّلع أم لا ؛ لما أشرنا إليه من أنّ دوران الحكم مدار الأمن وعدمه مخصوص بالجماعة ؛ لاختصاص دليله به ، ولا بعد فيه.
هذا ، مع أنّه لا ظهور للموثّقة في ذلك ، بل هو شيء مستنبط منها بواسطة المناسبات المغروسة في الأذهان ، الناشئة من وجوب حفظ الفرج عن النظر.
وكذا لا يشكل بما قد يقال من أنّ المأموم إن أمن من المطّلع ، وجب عليه القيام ، وإلّا لم يجز له الركوع والسجود ؛ لأنّه اجتهاد في مقابلة النصّ ، مع إمكان أن يقال : إنّ للجلوس دخلا في حصول الأمن ولا أقلّ من مدخليّته في كماله ، فلعلّ الشارع اعتبره لذلك.