وعن المصنّف رحمهالله في المعتبر الميل إلى العمل بهذه الرواية حيث قال ـ بعد نقل الخلاف في المسألة ، والاستدلال للشيخ بالرواية المذكورة ـ : إنّ هذه الرواية حسنة ، ولا يلتفت إلى من يدّعي الإجماع على خلافها (١).
وكيف كان فهذا هو الأقوى ؛ لعدم صلاحيّة شيء ممّا ذكر دليلا للخصم لمعارضة الموثّقة التي هي أخصّ من المطلقات الآمرة بالإيماء ، فلا يعارضها تلك المطلقات ، وكذا عموم التعليل الواقع في الحسنة (٢) ؛ ضرورة عدم كونه علّة عقليّة غير قابلة للتخصيص كي يعارض النصّ الخاصّ ، فمن الجائز أن يكون ستر العورة الحاصل بالجلوس وعدم كشفها وحصول الهيئة المستنكرة لدى الشارع أهمّ رعايته من حفظ صورة الصلاة التي من مقوّماتها الركوع والسجود ، وأن يكون الأمر في الجماعة التي هي من الشعائر بعكس ذلك.
هذا ، مع إمكان أن يكون المقصود بقوله عليهالسلام : «فيبدو ما خلفهما» (٣) ظهوره للناظر الذي لا يؤمن من اطّلاعه عليه الذي لأجله وجب عليه الصلاة جالسا ، كما هو محمل هذه الحسنة على ما عرفته آنفا ، فإنّ هذا ـ أي الحفظ عن الناظر ـ أيضا في حدّ ذاته علّة أخرى لانتقال الفرض إلى الإيماء ، كما سنشير إليه.
والحاصل : أنّ عموم التعليل لا يصلح معارضا للنصّ الخاصّ ، كما هو واضح.
وأمّا صحيحة ابن سنان : فلا إشعار فيها بالإيماء لا للإمام ولا للمأموم ، و
__________________
(١) المعتبر ٢ : ١٠٧ ، وحكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٧ : ٤٨.
(٢) أي : حسنة زرارة ، المتقدّمة في ص ٤١٤.
(٣) تقدّم تخريجه في ص ٤١٤ ، الهامش (٣).