اللهمّ إلّا أن يحمل ما في هذين الخبرين على ما لو صلّى في قميص واسع الجيب ونحوه ممّا لا يحصل معه كمال الستر بلا شدّ الأزرار ، كما لعلّه هو ظاهر الخبر الأخير ، ويؤيّده ما في بعض الأخبار من نفي البأس عن الصلاة محلولة الأزرار (١).
وإن أريد منه شدّ الوسط كما يومىء إليه استدلال الشهيد له ـ في محكيّ الذكرى (٢) ـ بالنبويّ العامّيّ : «لا يصلّي أحدكم وهو متحزّم» (٣) أمكن الالتزام به من باب المسامحة ، كما يؤيّده ما عن الشيخ في الخلاف من دعوى الإجماع عليه حيث قال ـ على ما حكي عنه ـ : يكره أن يصلّي وهو مشدود الوسط ، ولم يكره ذلك أحد من الفقهاء. دليلنا : إجماع الفرقة وطريقة الاحتياط (٤). انتهى.
ولكن قد يشكل ذلك أيضا بمنافاته لما استقرّ عليه السيرة من الصلاة مشدود الوسط.
هذا ، مع معارضة النبوي بمثله من خبرين عامّيّين مرويّين في محكيّ النهاية الأثيريّة ، مصرّحين بالنهي عن الصلاة بغير حزام (٥) ، فتأمّل (٦).
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٩٥ / ٨ ، الفقيه ١ : ١٧٤ / ٨٢٣ ، التهذيب ٢ : ٢١٦ / ٨٥٠ ، و ٣٥٧ / ١٤٧٧ ، و ٣٢٦ / ١٣٣٥ ، الاستبصار ١ : ٣٩٢ / ١٤٩٢ و ١٤٩٣ ، الوسائل ، الباب ٢٣ من أبواب لباس المصلّي ، ح ١ و ٤.
(٢) الذكرى ٣ : ٦٥ ، والحاكي عنه هو العاملي في مدارك الأحكام ٣ : ٢٠٨.
(٣) في مسند أحمد ٢ : ٤٥٨ وكذا في الذكرى ٣ : ٦٥ : «لا يصلّي أحدكم إلّا وهو محزّم». وفي سنن أبي داود ٣ : ٢٥٢ ـ ٢٥٣ / ٣٣٦٩ : «نهى أن يصلّي الرجل بغير حزام». وفي سنن البيهقي ٢ : ٢٤٠ : «.. حتى يحتزم». وفي الطبعة الحجريّة من الذكرى : ١٤٨ كما في المتن.
(٤) الخلاف ١ : ٥٠٩ ، المسألة ٢٥٢ ، وحكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٨ : ٢٥٦.
(٥) النهاية ـ لابن الأثير ـ ١ : ٣٧٩ «حزم» والحاكي عنه هو النراقي في مستند الشيعة ٤ : ٣٨٧.
(٦) قوله : «فتأمّل» إشارة إلى أنّه إذا كان مبنى العمل بهذه الأخبار المسامحة ، يكون حال الخبرين المتعارضين حال المستحبّين المتزاحمين في جواز الأخذ بكلّ منهما بعنوان الاستحباب ، فليتأمّل. «منه».