وما في خبر موسى من تعليل المنع بالنجاسة التي لم يقصد بها حقيقتها بمعناها المصطلح لدى المتشرّعة ، التي أثرها المنع عن الصلاة ـ كما عرفته في كتاب الطهارة (١) ـ لا يصلح قرينة لإرادة الكراهة من لفظ الحرمة وعدم الجواز والنواهي الواردة في الأخبار ؛ لجواز أن يكون المراد بالنجاسة خباثة معنويّة مقتضية للمنع عن الصلاة فيه ، كالنجاسة المصطلحة ، دون سائر آثارها.
ولكن ربما يؤيّد الكراهة بل يشهد بأنّ الخباثة المعنويّة الكامنة في الحديد ، المصحّحة لإطلاق اسم النجس عليه غير مقتضية إلّا لاستحباب التجنّب عنه وكراهة لبسه في الصلاة : بعض الأخبار الدالّة بظاهرها على نجاسته ، المتقدّمة في كتاب الطهارة (٢).
كموثّقة عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام «في الرجل إذا قصّ أظفاره بالحديد أو جزّ من شعره أو حلق قفاه فإنّ عليه أن يمسحه بالماء قبل أن يصلّي» سئل : فإن صلّى ولم يمسح بالماء؟ قال : «يعيد الصلاة ، لأنّ الحديد نجس» وقال : «لأنّ الحديد لباس أهل النار ، والذهب لباس أهل الجنّة» (٣) حيث علم بالقرائن الخارجيّة ـ التي بيّنّاها فيما سبق عند البحث عن طهارته (٤) ـ أنّ الأمر بالمسح وإعادة الصلاة الواقعة بدونه ليس إلّا على سبيل الاستحباب ، فيستكشف من ذلك أنّ نجاسته ـ التي علّل بها المنع عن الصلاة بلا مسح ـ غير مقتضية إلّا لاستحباب
__________________
(١) راجع : ج ٧ ، ص ٣٢١.
(٢) راجع : ج ٧ ، ص ٣١٩ ـ ٣٢٠.
(٣) التهذيب ١ : ٤٢٥ ـ ٤٢٦ / ١٣٥٣ ، الاستبصار ١ : ٩٦ / ٣١١ ، الوسائل ، الباب ١٤ من أبواب نواقض الوضوء ، ح ٥.
(٤) راجع : ج ٧ ، ص ٣٢١ ـ ٣٢٢.