وربّما استظهر من العبارة المتقدّمة عن نهاية الشيخ ـ كخلافه والجمل والوسيلة (١) ـ : الوجوب ، كما استظهر ذلك أيضا من المبسوط حيث قال : ويلزم أهل العراق (٢) ، إلى آخره.
ولكن الظاهر أنّ مرادهم الاستحباب ، كما هو صريح المتن وغيره ، بل لعلّه المشهور ـ كما ادّعاه في الجواهر (٣) ـ نقلا وتحصيلا.
وكيف كان فالقول بالوجوب ـ على تقدير تحقّقه ـ ضعيف ؛ لقصور الأخبار عن إفادته ، بل ربما منع غير واحد من المتأخّرين استحبابه أيضا أو تردّد فيه إمّا لضعف سند الروايات كما في المدارك ، فإنّه بعد نقل الخبرين الأوّلين قال : والروايتان ضعيفتا السند جدّا ، والعمل بهما لا يؤمن معه الانحراف الفاحش عن حدّ القبلة وإن كان في ابتدائه يسيرا (٤). انتهى ، أو لأجل الإشكال الذي أورده سلطان المحقّقين نصير الملّة والدين قدسسره ـ على ما حكي (٥) عنه ـ على المصنّف رحمهالله لمّا حضر مجلس درسه يوما واتّفق الكلام في هذه المسألة من أنّ التياسر أمر إضافيّ لا يتحقّق إلّا بالإضافة إلى صاحب يسار متوجّه إلى جهة ، فإن كانت تلك الجهة محصّلة ، لزم التياسر عمّا وجب التوجّه إليه ، وهو حرام ؛ لأنّه خلاف مدلول الآية ، وإن لم تكن محصّلة ، لزم عدم إمكان التياسر ؛ إذ تحقّقه
__________________
(١) الخلاف ١ : ٢٩٧ ، المسألة ٤٢ ، الجمل والعقود (ضمن الرسائل العشر) : ١٧٦ ، الوسيلة : ٨٥.
(٢) المبسوط ١ : ٧٨.
(٣) جواهر الكلام ٧ : ٣٧٤.
(٤) مدارك الأحكام ٣ : ١٣٠.
(٥) الحاكي هو ابن فهد الحلّي في المهذّب البارع ١ : ٣١٢ ، وكذا البحراني في الحدائق الناضرة ٦ : ٣٨٥.