موقوف على تحقّق الجهة التي يتياسر عنها ، فكيف يتصوّر الاستحباب!؟ بل المتّجه حينئذ وجوب التياسر المحصّل لها ، فأجابه المصنّف رحمهالله في المجلس ـ على ما قيل (١) ـ بجواب إقناعي ، ثمّ كتب في المسألة رسالة في تحقيق الجواب ، فاستحسنه المحقّق المزبور.
وذكر في الحدائق أنّ ابن فهد نقل الرسالة المزبورة بعينها إلى كتابه المهذّب ، من أحبّ الوقوف على ذلك فليراجع الكتاب المزبور (٢).
وذكر بعض أنّ المصنّف رحمهالله بنى في تلك الرسالة هذا الحكم على القول بأنّ القبلة للبعيد الحرم (٣) ، فيشكل الالتزام حينئذ بذلك إن لم نقل بكون الحرم قبلة ، بل قد يشكل على هذا القول أيضا ؛ نظرا إلى أنّ الأمارات المنصوبة لتشخيص القبلة إن كانت مؤدّية إلى محاذاة عين الكعبة ، فالانحراف اليسير في العراق يوجب البعد الكثير عنها بحيث يخرج عن محاذاة الحرم أيضا ، وإلّا فلا يجدي ، ولذا قيل : جواب المصنّف رحمهالله غير حاسم لمادّة الإشكال (٤).
ويمكن التفصّي عن ذلك : بأنّ الأمارات المنصوبة للبعيد لا يحرز بها محاذاة العين حتّى يشكل الانحراف اليسير ، وإنّما يحرز بها السمت الذي يكون استقباله استقبالا للكعبة عند عدم مشاهدة العين بنحو من الاعتبار العرفي.
وقد أشرنا مرارا إلى أنّ الانحراف اليسير غير قادح في صدق استقبال
__________________
(١) القائل هو البحراني في الحدائق الناضرة ٦ : ٣٨٥.
(٢) الحدائق الناضرة ٦ : ٣٨٥ ، وراجع : المهذّب البارع ١ : ٣١٢ ـ ٣١٧.
(٣) صاحب الجواهر فيها ٧ : ٣٧٥.
(٤) المجلسي في بحار الأنوار ٨٤ : ٥٣ كما حكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٦ : ٣٨٦.