وربّما مثّل بعض (١) لذلك بالقمر ، فإنّه يكون ليلة السابع من الشهر في قبلة العراقي أو قريبا منها عند المغرب ، وليلة الرابع عشر عند نصف الليل ، وليلة الحادي والعشرين عند الفجر ، إلّا أنّ ذلك كلّه تقريبيّ لا يستمرّ على وجه واحد ، كما هو واضح ، فتشخيص جهة القبلة به ظنّيّ.
وفيه نظر ؛ فإنّ القمر في الليالي المزبورة من العلائم الموجبة للعلم بجهتها ، ولذا عدّه غير واحد من تلك العلائم ، كما تقدّمت الإشارة إليه. وعدم استمراره على وجه واحد لا يقدح في ذلك ؛ فإنّ الاختلاف الناشئ من ذلك ليس بأزيد من الاختلاف الناشئ من العلائم المختلفة التي ذكروها لأهل العراق ، بل ولا من الاختلاف بين البلاد المتقاربة التي حكموا برجوعها إلى علامة واحدة ، وقد عرفت أنّ هذا المقدار من الاختلاف غير مخلّ بتشخيص الجهة التي يجب استقبالها للبعيد.
هذا ، مع أنّك عرفت عند تفسير الجهة أنّها تختلف بالنسبة إلى المتمكّن من تشخيصها في السمت المضاف إلى الشي عرفا ، وبالنسبة إلى من لم يتمكّن من تشخيصها إلّا في جانب من جوانبه الأربع ، فقد يكون مطلق السمت الواقع فيه الكعبة بالنسبة إليه قبلة ، فيحتمل قويّا أن يكون المراد بمن جهلها في المقام من لم يتمكّن من العلم بجهتها رأسا بحيث لم يشخّصها في جانب من جوانبه الأربع ، كما يؤيّد ذلك خلافهم في أنّه هل يجب عليه الاحتياط والصلاة أربعا إلى جوانبه الأربع مع الإمكان ، وعند الضرورة يعوّل على ظنّه؟ كما حكي القول بذلك عن
__________________
(١) الشهيد الثاني في مسالك الافهام ١ : ١٥٦.