ونوقش فيها : بأنّها ضعيفة السند ، ومتروكة الظاهر ؛ حيث إنّها بظاهرها تدلّ على عدم اعتبار الاجتهاد في القبلة ، وهو مخالف للنصّ والفتوى ، كما عرفت فيما سبق.
وفيه : أنّ ضعف سندها مجبور بما سمعت. وأمّا مهجوريّة ظاهرها فهي غير قادحة في الاستشهاد بها لوجوب الصلاة إلى أربع جهات في الجملة عند اشتباه القبلة ، وعدم كفاية صلاة واحدة.
هذا ، مع أنّا قد أشرنا فيما تقدّم (١) إلى أنّ المراد بالاجتهاد ـ على ما يشهد به بعض القرائن الداخليّة والخارجيّة ـ هو الاجتهاد المصطلح ، أي الفتوى بالرأي ، لا الاجتهاد في تشخيص جهة القبلة.
واستدلّ له أيضا بقاعدة الاشتغال ، فإنّه لا يحصل القطع بالخروج عن عهدة التكليف بالصلاة المشروطة بالاستقبال إلّا بالصلاة إلى أربع جهات ، فتجب.
ودعوى أنّ هذه لا توجب القطع بحصول استقبال جهة القبلة في شي منها حتّى توجب القطع بالخروج عن عهدة التكليف ؛ لإمكان انحراف كلّ منها عن الجهة المحاذية لعين الكعبة بمقدار ئمن الدائرة ، ومن الواضح أنّ الجهة العرفيّة التي التزمنا بكفاية استقبالها للبعيد لا تتّسع إلى هذا الحدّ ، فالقول بالصلاة إلى أربع جهات يجب أن يكون مستندا إلى دليل آخر غير قاعدة الاشتغال ، مدفوعة :
أوّلا : بأنّا وإن سلّمنا عدم اتّساع الجهة العرفيّة التي يجب على البعيد إحرازها ويعدّ لدى العرف استقبالها استقبالا للكعبة إلى هذا الحدّ ، ولكنّك
__________________
(١) في ص ٦٨.