كما هو المفروض موضوعا في تلك الأخبار ، فيجوز له استقبال أيّ جهة أحبّ ، فليتأمّل.
ثمّ إنّا قد أشرنا إلى أنّ القول بأنّه يصلّي من الجهات ما يحتمله الوقت مبنيّ على عدم سقوط التكليف عند تردّد المكلّف به بين أمور لا يتمكّن المكلّف من الإتيان بجميعها ، ووجوب مراعاته في ضمن محتملاته مهما أمكن ـ كما هو الأقوى ـ من غير فرق بين كون الواجب غيريّا كما فيما نحن فيه ، أو نفسيّا.
ولكن في كلتا المقدّمتين ـ أي عدم سقوط التكليف ، ووجوب رعايته مهما أمكن ـ كلام ؛ فإنّه ربما يقال بسقوط التكليف في الفرض ؛ لأنّ القدرة على الامتثال شرط في حسن الطلب ، وهي منتفية. وكونه قادرا على الإتيان ببعض المحتملات غير مجد في جواز التكليف بالواقع الذي قد يتخطّى عن ذلك المحتمل.
وفيه : أنّ شرط صحّة التكليف إنّما هو القدرة على نفس الفعل ، وهي حاصلة في الفرض ؛ إذ الواجب ليس في الواقع إلّا أحد المحتملات الذي هو في حدّ ذاته مقدور بحيث لو تمكّن من تشخيصه لا يعذر في مخالفته ، ولا يصلح أن يكون عجزه عن تشخيص الواجب مانعا إلّا عن وجوب الموافقة القطعيّة عند تعذّر الاحتياط بفعل جميع المحتملات ، حيث إنّ مقتضاه ليس إلّا كون المكلّف معذورا في ترك الواجب على تقدير مصادفته للمحتمل الذي عجز عن الإتيان به.
وبهذا ظهر لك ضعف الخدشة في المقدّمة الثانية : بأنّه متى لم يجب القطع بالموافقة لا تجب رعاية الواجب مهما أمكن ، بدعوى : أنّ للإطاعة مرتبتين