إحداهما : وجوب الموافقة القطعيّة ، والأخرى : حرمة المخالفة القطعيّة ، فإذا تعذّرت الأولى ، يندفع محذور المخالفة بفعل البعض ، أي الصلاة إلى جهة من الجهات المحتمل كونها قبلة ، فلا مقتضي لوجوب أزيد من ذلك.
وقد يقرّب المناقشة ببيان آخر ، وهو : أنّ الإتيان بجميع المحتملات ليس إلّا مقدّمة للقطع بحصول الواجب ، فمتى لم يجب تحصيل القطع لا يعقل بقاء مقدّماته بصفة الوجوب.
توضيح الضعف : أنّ المقتضي لوجوب إيجاد كلّ من المحتملات إنّما هو احتمال مصادفته للواجب الذي تعلّق التكليف به ؛ فإنّ قضيّة تعلّق التكليف بشيء : عدم معذوريّة المكلّف في مخالفته على تقدير تمكّنه من الخروج عن عهدته ، ومقتضاه وجوب الإتيان بكلّ ما يحتمل كونه ذلك الواجب ، فكلّ واحد من المحتملات بنفسه موضوع مستقلّ بنظر العقل للحكم بوجوب إيجاده ؛ لما في تركه من احتمال استحقاق العقاب المترتّب على ترك الواجب ، فإلزام العقل بوجوب إيجاده (١) جميع المحتملات إنّما هو للأمن من العقاب الذي يحتمله في ترك كلّ واحد منها ، فالموافقة الاحتماليّة الحاصلة بفعل كلّ واحد من المحتملات هي المقتضية لوجوب إيجاد ذلك المحتمل ، وعجزه عن بعض منها لا يصلح مانعا إلّا عن وجوب ذلك البعض.
والحاصل : أنّه متى علم تعلّق التكليف بشيء مردّد بين أمور يجب القطع بالخروج عن عهدته إمّا بإيجاد تلك الأمور لدى التمكّن من ذلك ، أو بإيجاد ما
__________________
(١) في «ض ١٤ ، ١٦» : «إيجاد».