يعني لإفادة الدّوام والثّبوت (١) لأغراض تتعلّق بذلك (٢) [كقوله : (٣) لا يألف الدّرهم المضروب صرّتنا] وهو ما يجتمع فيه الدّراهم [لكن يمرّ عليها وهو منطلق].
______________________________________________________
هو الدّوام والثّبوت ، والتزاما هو عدم التّقييد والتّجدّد ، وكون صريح كلّ منهما هو التزام الآخر بمقتضى التّقابل بينهما.
(١) والمراد به تحقّق المحمول للموضوع بحسب الوضع ، وأمّا الدّوام فمستفاد من خارج لا من الوضع ، وكان الأولى تقديم الثّبوت على الدّوام ، لأنّه يلزم من الدّوام الثّبوت دون العكس.
(٢) أي بالدّوام والثّبوت ، كما إذا كان المقام مقتضيا لكمال المدح أو الذّمّ ، أو نحو ذلك ، ممّا يناسبه الدّوام والثّبات.
(٣) أي قول النّضر بن جويّة (لويّة ـ خ) في المدح بالغنى والكرم ، تمامه : «ولكن يمرّ عليها وهو منطلق».
المعنى : «يألف» بالفاء مضارع من الإلف بمعنى الأنس بالشّيء ، «المضروب» المسكوك ، «الصّرّة» ما يجمع فيها الدّراهم ، «يمرّ» مضارع من المرور ، «منطلق» بصيغة اسم الفاعل بمعنى الذّاهب.
الإعراب : «لا» نافية ، «يألف» فعل مضارع مرفوع ، «الدّرهم المضروب» نعت ومنعوت مفعول ل «يألف» ، «صرّتنا» مضاف ومضاف إليه فاعل ل «يألف» ، وفي إضافة الصّرّة إلى ضمير المتكلّم مع الغير نكتة دقيقة ، وهي أنّ صرّته مشتركة بينه وبين غيره ، وهذا يشعر بكمال جودهم وعدم اعتنائهم بالدّراهم ، «لكن» حرف استدراك ملغى عن العمل ، «يمرّ عليها» فعل وفاعل ومتعلّق «وهو منطلق» مبتدأ وخبر ، حال عن الضّمير المستتر في «يمرّ» والواو للحال.
والشّاهد : في «منطلق» حيث إنّه مسند أوتي به اسم فاعل ، لإفادة عدم التّجدّد والتّقييد بالأزمنة الثّلاثة ، ولو قال : ينطلق ، أفاد تجدّد الانطلاق المنافي لغرضه ، وهو التّوصيف بكثرة الجود ودوامه ، وأمّا قوله : «يمرّ عليها» فلدفع خلاف المقصود واستدراكه ، وهو أنّ عدم الألفة ليس بسبب انتفاء حصول جنس الدّراهم ، بل بسبب التّصدق على الفقراء أو المساكين وأهل الحاجة.
وبالجملة إنّ التّعبير بقوله : «منطلق» للإشعار بأنّ انطلاق الدّراهم من الصّرّة أمر ثابت دائم